responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي    جلد : 1  صفحه : 393


صار . ثم قال لولده الفضل : يا بني فما تقول في ابن من فعل بأبيك هذا الفعل وما جزاؤه قال : حق لعمري وجب عليك له فقال : والله يا ولدي ما أجد له مكافأة غير أني أعزل نفسي وأوليه ففعل ذلك رضي الله عنه وهكذا تكون المكافأة .
ومن ذلك ما حكي عن العباس صاحب شرطة المأمون قال : دخلت يوماً مجلس أمير المؤمنين ببغداد وبين يديه رجل مكبل بالحديد فلما رآني قال لي : عباس قلت : لبيك يا أمير المؤمنين قال : خذ هذا إليك فاستوثق منه واحتفظ به وبكر به إلي في غد واحترز عليه كل الاحتراز .
قال العباس : فدعوت جماعة فحملوه ولم يقدر أن يتحرك فقلت في نفسي : مع هذه الوصية التي أوصاني بها أمير المؤمنين من الاحتفاظ به ما يجب إلا أن يكون معي في بيتي فأمرتهم فتركوه في مجلس لي في داري ثم أخذت أسأله عن قضيته وعن حاله ومن أين هو فقال : أنا من دمشق فقلت جزى الله دمشق وأهلها خيراً فمن أنت من أهلها قال : وعمن تسأل قلت : أتعرف فلاناً قال : ومن أين تعرف ذلك الرجل فقلت : وقع لي معه قضية . فقال : ما كنت بالذي أعرفك خبره حتى تعرفني قضيتك معه فقال : ويحك كنت مع بعض الولاة بدمشق فبغى أهلها وخرجوا علينا حتى إن الوالي تدلى في زنبيل من قصر الحجاج وهرب هو وأصحابه وهربت في جملة القوم فبينما أنا هارب في بعض الدروب وإذا بجماعة يعدون خلفي فما زلت أعدو أمامهم حتى فتهم فمررت بهذا الرجل الذي ذكرته لك وهو جالس على باب داره فقلت : أغثني أغاثك الله قال : لا بأس عليك ادخل الدار فدخلت فقالت زوجته : ادخل تلك المقصورة فدخلتها ووقف الرجل على باب الدار فما شعرت إلا وقد دخل والرجال معه يقولون هو والله عندك فقال : دونكم الدار ففتشوها حتى لم يبق سوى تلك المقصورة وامرأته فيها فقالوا : هو ههنا فصاحت بهم المرأة ونهرتهم فانصرفوا وخرج الرجل وجلس على باب داره ساعة وأنا قائم أرجف ما تحملني رجلاي من شدة الخوف فقالت المرأة : اجلس لا بأس عليك فجلست فلم ألبث حتى دخل الرجل فقال : لا تخف قد صرف الله عنك شرهم وصرت إلى الأمن والدعة إن شاء الله تعالى . فقلت له : جزاك الله خيراً فما زال يعاشرني أحسن معاشرة وأجملها وأفرد لي مكاناً في داره ولم يحوجني إلى شيء ولم يفتر عن تفقد أحوالي فأقمت عنده أربعة أشهر في أرغد عيش وأهنئه إلى أن سكنت الفتنة وهدأت وزال أثرها فقلت له : أتأذن لي في الخروج حتى أتفقد حال غلماني فلعلي أقف منهم على خبر فأخذ علي المواثيق بالرجوع إليه فخرجت وطلبت غلماني فلم أر لهم أثراً فرجعت إليه وأعلمته الخبر وهو مع هذا كله لا يعرفني ولا يسألني ولا يعرف اسمي ولا يخاطبني إلا بالكنية فقال : علام تعزم فقلت : عزمت على التوجه إلى بغداد فقال : القافلة بعد ثلاثة أيام تخرج وها أنا قد أعلمتك . فقلت له : إنك تفضلت علي هذه المدة ولك علي عهد الله أني لا أنسى لك هذا الفضل ولأوفينك مهما استطعت قال : فدعا غلاماً له أسود وقال له : أسرج الفرس الفلاني ثم جهز آلة السفر فقلت في نفسي : أظن أنه يريد أن يخرج إلى ضيعة أو ناحية من النواحي فأقاموا يومهم ذلك في كد وتعب فلما كان يوم خروج القافلة جاءني السحر وقال لي : يا فلان قم فإن القافلة تخرج الساعة وأكره أن تنفرد عنها فقلت في نفسي : كيف أصنع وليس معي ما أتزود به ولا ما أكري به مركوباً ثم قمت فإذا هو وامرأته يحملان بقجة من أفخر الملابس وخفين جديدين وآلة السفر ثم جاءني بسيف ومنطقة فشدهما في وسطي ثم قدم بغلاً فحمل عليه صندوقين وفوقها فرش ودفع إلي نسخة ما في الصندوقين وفيهما خمسة آلاف درهم وقدم إلي الفرس الذي كان جهزه وقال : اركب وهذا الغلام الأسود يخدمك ويسوس مركوبك . وأقبل هو وامرأته يعتذران إلي من التقصير في أمري وركب معي يشيعني وانصرفت إلى بغداد وأنا أسأل عنه .

393

نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي    جلد : 1  صفحه : 393
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست