responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي    جلد : 1  صفحه : 333


وأمثال الناس مرة فكنت لا أجد عند أحد ما أجده عند عبد الملك بن مروان من الاتساع في المعرفة والتصرف في فنون العلم وحسن استماعه إذا حدث وحلاوة لفظه إذا حدث فخلوت معه ليلة فقلت له : والله إني لمسرور بك لما شاهدته من كثرة تصرفك وحسن حديثك وإقبالك على جليسك فقال : إن تعش قليلاً فسترى العيون طامحة إلي والأعناق نحوي متطاولة فإذا صار الأمر إلي فلعلك تنقل إلي ركابك فلأملأن يديك . فلما أفضت إليه الخلافة توجهت إليه فوافيته يوم الجمعة وهو يخطب على المنبر فلما رآني أعرض عني فقلت : لعله لم يعرفني أو عرفني وأظهر لي نكره فلما قضيت الصلاة ودخل بيته لم ألبث أن خرج الحاجب فقال : أين مالك بن عمارة . فقمت فأخذ بيدي وأدخلني عليه فمد إلي يده وقال : إنك تراءيت لي في موضع لا يجوز فيه إلا ما رأيت فأما الآن فمرحباً وأهلاً كيف كنت بعدي . فأخبرته فقال : أتذكر ما كنت قلت لك قلت : نعم فقال : والله ما هو بميراث وعيناه ولا أثر رويناه ولكني أخبرك بخصال مني سمت بها نفسي إلى الموضع الذي ترى ما خنت ذا ود قط ولا شمت بمصيبة عدو قط ولا أعرضت عن محدث حتى ينتهي حديثه ولا قصدت كبيرة من محارم الله تعالى متلذذاً بها فكنت أؤمل بهذه أن يرفع الله تعالى منزلتي ثم دعا بغلام فقال له يا غلام : بوئه منزلاً في الدار فأخذ الغلام بيدي وأفرد لي منزلاً حسناً فكنت في ألذ حال وأنعم بال وكان يسمع كلامي وأسمع كلامه ثم أدخل عليه في وقت عشائه وغدائه فيرفع منزلتي ويقبل علي ويحادثني ويسألني مرة عن العراق ومرة عن الحجاز حتى مضت لي عشرون ليلة فتغديت يوماً عنده فلما تفرق الناس نهضت قائماً فقال : على رسلك فقعدت فقال : أي الأمرين أحب إليك المقام عندنا مع النصفة لك في المعاشرة أو الرجوع إلى أهلك ولك الكرامة فقلت : يا أمير المؤمنين فارقت أهلي وولدي على أني أزور أمير المؤمنين وأعود إليهم فإن أمرني أمير المؤمنين اخترت رؤيته على الأهل والولد فقال : لا بل أرى لك الرجوع إليهم والخيار لك بعد في زيارتنا وقد أمرنا لك بعشرين ألف دينار وكسوناك وحملناك . أتراني قد ملأت يديك . فلا خير فيمن ينسى إذا وعد وعداً وزرنا إذا شئت صحبتك السلامة .
ومن ذلك ما روي عن أبي بكار الأعمى وكان قد انقطع إلى آل برمك قال مسرور الكبير : لما أمرني الرشيد بقتل جعفر بن يحيى دخلت عليه فوجدت عنده أبا بكار الأعمى يغنيه ويقول : [ من الوافر ] فلا تحزن فكل فتى سيأتي * عليه الموت يطرق أو ينادي فقلت : في هذا والله قد أتيتك ثم أمسكت بيد جعفر وأقمته وضربت عنقه فقال أبو بكار : ناشدتك الله إلا ما ألحقتني به فقلت له : ما الذي حملك على هذا فقال : أغناني عن الناس فقلت : حتى أستأمر الرشيد ثم أحضرت الرأس إلى الرشيد وأخبرته بخبر أبي بكار فقال : هذا رجل فيه مصطنع أضمه إليك وانظر ما كان يجري عليه جعفر فادفعه إليه . وكان يحيى بن خالد إذا أكد في يمينه قال : لا والذي جعل الوفاء أعز ما يرى . قال أبو فراس بن حمدان الشاعر : [ من الطويل ]

333

نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي    جلد : 1  صفحه : 333
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست