نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 306
الطعام ولا يمنع وارداً . وقيل لبعض الأمراء الكرام : لا بأس بالحجاب لئلا يدخل من لا يعرفه الأمير ويحترز عن العدو فقال : إن عدوا يأكل طعامنا ولا ينخدع ولا يمكنه الله منا الأليق بالكريم الرئيس أن يمنع حاجبه من الوقوف ببابه عند حضور الطعام فإن ذلك أول الشناعة عليه وعليه أن يسهر مع أضيافه ويؤانسهم بلذيذ المحادثة وغريب الحكايات وأن يستميل قلوبهم بالبذل لهم من غرائب الظرف إن كان من أهل ذلك وأن يري أضيافه مكان الخلاء فقد قيل عن ملك الهند أنه قال : إذا ضافك أحد فأره الكنيف فإني ابتليت به مرة فوضعته في قلنسوتي . وقالوا لا بأس أن يدخل دار أخيه يستطعم للصداقة الوكيدة . وقد قصد النبي صلى الله عليه وسلم والشيخان منزل الهيثم بن التيهان وأبي أيوب الأنصاري وكذلك كانت عادة السلف رضي الله تعالى عنهم . وكان لعون بن عبد الله المسعودي ثلاثمائة وستون صديقاً فكان يدور عليهم في السنة ولا بأس أن يدخل الرجل بيت صديقه فيأكل وهو غائب فقد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار بريرة رضي الله عنها فأكل طعامها وهي غائبة وكان الحسن رضي الله عنه يوماً عند بقال فجعل يأخذ من هذه الجونة تينة ومن هذه فستقة فيأكلها فقال له هشام : ما بدا لك يا أبا سعيد في الورع فقال له : يا لكع أتل علي آية الأكل فتلا : " ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم " إلى قوله : " أو صديقكم " النور : 61 فقال الصديق : من استروحت إليه النفس واطمأن إليه القلب وعلى المضيف الكريم أن لا يتأخر عن أضيافه ولا يمنعه عن ذلك قلة ما في يده بل يحضر إليهم ما وجد . فقد جاء عن أنس وغيره من الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يقدمون الكسرة اليابسة وحشف التمر . ويقولون : ما ندري أيهما أعظم وزراً الذي يحتقر ما قدم إليه أو الذي يحتقر ما عنده أن يقدمه . وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من ألقم أخاه لقمة حلوة صرف الله عنه مرارة الموقف " . حكي عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه كان نازلاً عند الزعفراني ببغداد فكان الزعفراني يكتب في كل يوم رقعة بما يطبخ من الألوان ويدفعها إلى الجارية فأخذها الشافعي منها يوماً وألحق فيها لوناً آخر فعرف الزعفراني ذلك فأعتق الجارية سروراً بذلك وكانت سنة السلف رضي الله عنهم أن يقدموا جملة الألوان دفعة ليأكل كل شخص ما يشتهي . ومن السنة أن يشيع المضيف الضيف إلى باب الدار وعلى المضيف إذا قدم الطعام إلى أضيافه أن لا ينتظر من يحضر من عشيته فقد قيل : ثلاثة تضني سراج لا يضيء ورسول بطيء ومائدة ينتظر لها من يجيء ونزل الإمام الشافعي رضي الله عنه بالإمام مالك رضي الله عنه فصب بنفسه الماء على يديه وقال له : لا يرعك ما رأيت مني فخذ ماء الضيف على المضيف فرض : [ من السريع ] قالت أما ترحل تبغي الغنى * قلت فمن للطارق المعتم قالت فهل عندك شيء له * قلت نعم جهد الفتى المعدم فكم وحق الله من ليلة * قد أطعم الضيف ولم أطعم إن الغنى بالنفس يا هذه * ليس الغنى بالمال والدرهم
306
نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 306