نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 303
وأما المهازلة على الطعام : فقد روي عن يحيى بن عبد الرحمن رضي الله تعالى عنه قال : قالت عائشة رضي الله تعالى عنها : كان عندي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسودة فصنعت حريرة فجئت به فقلت لسودة : كلي فقالت : لا أحبه فقلت : والله لتأكلين أو لألطخن وجهك فقالت : ما أنا بذائقته فأخذت من الصحفة شيئاً فلطخت به وجهها ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس بيني وبينها فتناولت من الصحفة شيئاً فلطخت به وجهي وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك . واشترى غندر يوماً سمكاً وقال لأهله : أصلحوه ونام فأكل عياله السمك ولطخوا يده فلما انتبه قال : قدموا إلي السمك قالوا : قد أكلت . قال : لا قالوا : شم يدك ففعل فقال : صدقتم ولكن ما شبعت . ودخل الحمدوني على رجل وعنده أقوام بين أيديهم أطباق الحلوى ولا يمدون أيديهم فقال : لقد ذكرتموني ضيف إبراهيم وقول الله تعالى : " فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة " ثم قال : كلوا رحمكم الله فضحكوا وأكلوا . والحكايات في ذلك كثيرة . وأما الضيافة وإطعام الطعام : فقد قال الله تعالى : " هل أتاك حديث صيف إبراهيم المكرمين " الذاريات : 24 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم ضيفه ولا يؤذ جاره " . وقال صلى الله عليه وسلم : " من أكل وذو عينين ينظر إليه ولم يواسه ابتلي بداء لا دواء له " . وقال الحسن : كنا نسمع أن إحدى مواجب الرحمة إطعام الأخ المسلم الجائع " . وقيل لإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام : " بم اتخذك الله خليلاً قال بثلاث : ما خيرت بين شيئين إلا اخترت الذي لله على غيره ولا اهتممت بما تكفل لي به ولا تغديت ولا تعشيت إلا مع ضيف . ويقولون : ما خلا مضيف الخليل عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا ليلة واحدة من ضيف . وكان الزهري إذا لم يأكل أحد من أصحابه من طعامه حلف لا يحدثه عشرة أيام . وقالوا : المائدة مرزوقة . أي من كان مضيافاً وسع الله عليه وقالوا : أول من سن القرى إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام وأول من ثرد الثريد وهشمه هاشم وأول من أفطر جيرانه على طعامه في الإسلام عند الله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وهو أول من وضع موائده على الطريق وكان إذا خرج من بيته طعام لا يعود منه شيء فإن لم يجد من يأكله تركه على الطريق . وقيل لبعض الكرماء : كيف اكتسبت مكارم الأخلاق والتأدب مع الأضياف فقال : كانت الأسفار تحوجني إلى أن أفد على الناس فما استحسنته من أخلاقهم اتبعته وما استقبحته اجتنبته . وأما آداب المضيف : فهو أن يخدم أضيافه ويظهر لهم الغنى وبسط الوجه فقد قيل : البشاشة في الوجه خير من القرى قالوا : فكيف بمن يأتي بها وهو ضاحك وقد ضمن الشيخ شمس الدين البديري رحمه الله هذا الكلام بأبيات فقال : [ من الطويل ] إذا المرء وافى منزلاً منك قاصداً * قراك وأرمته لديك المسالك فكن باسماً في وجهه متهللاً * وقل مرحباً أهلاً ويوم مبارك وقدم له ما تستطيع من القرى * عجولاً ولا تبخل بما هو هالك
303
نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 303