نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 261
إسم الكتاب : المستطرف في كل فن مستظرف ( عدد الصفحات : 387)
فوقف الرجل الصالح بين يديه وسلم عليه فقال له الغلام : من أين أنت وما حاجتك فقال : من بلاد بعيدة وقصدي الاجتماع بالملك فقال له الغلام : لا سبيل لك اليوم فسل حاجتك أقضها لك إن استطعت فقال : إن حاجتي لا يقضيها إلا الملك فقال الغلام : إن الملك ليس له إلا يوم واحد في الجمعة يجتمع إليه الناس فيه فاذهب حتى يأتي ذلك فانصرف الرجل إلى مسجد داثر وأقام يعبد الله تعالى فيه وأنكر على الملك لاحتجابه عن الناس فلما كان ذلك اليوم الذي يجلس فيه الملك جاء إلى القصر فوجد خلقاً كثيراً عند الباب ينتظرون الإذن فوقف مع جملة الناس فلما خرج الوزير أذن للناس في الدخول فدخل أرباب الحوائج ودخل صاحب السحابة معهم وإذا بالملك جالس وبين يديه أرباب دولته على قدر مراتبهم فجعل رأس النوبة يقدم الناس واحداً بعد واحد حتى وصلت النوبة لصاحب السحابة فلما نظر إليه الملك قال : مرحباً بصاحب السحابة . اجلس حتى أفرغ من حوائج الناس وانظر في أمرك . قال : فتحير صاحب السحابة في أمره فلما فرغ الملك من حوائج الناس قام من مجلسه فأخذ بيد صاحب السحابة وأدخله معه إلى قصره ثم مشى به في دهليز القصر فلم يجد في طريقه إلا مملوكاً واحداً فسار به حتى انتهى إلى باب من جريد وإذا به بناء مهدوم وحيطان مائلة وبيت خرب فيه برش وليس هناك ما يساوي عشرة دراهم إلا سحابة خلقة وقدح للضوء وحصيرة رثة وشئ من الخوص فانخلع الملك من ثياب الملك ولبس مرقعة من صوف وجعل على رأسه قلنسوة من شعر ثم جلس وأجلس صاحب السحابة ونادى يا فلانة قالت : لبيك . قال : أتدرين من هو الليلة ضيفاً قالت : نعم صاحب السحابة فدعا بها لحاجة فخرجت فإذا هي امرأة كالشن البالي عليها مسح من شعر خشن وهي شابة صغيرة قال الرجل : فالتفت إلى الملك وقال يا أخي نطلعك على حالنا أو نقضي حاجتك وتنصرف فقلت : والله لقد شغلني حالكما عما جئت بسببه فقال الملك : الله يعلم أنه كان لي في هذا الأمر آباء كرام صالحون يتوارثون المملكة كابراً عن كابر فلما توفوا إلى رحمة الله تعالى ووصل الأمر إلي بغض الله إلي الدنيا وأهلها فأردت أن أسيح في الأرض وأترك الناس ينظرون لهم من يسوس أمرهم فيملكونه عليهم فخفت عليهم دخول الفتنة وتضييع الدين والشرائع وتبديل شمل الدين فبايعوني وأنا والله كاره فتركت أمورهم على ما كانت عليه وجعلت السماط على عادته والحراس على حالها والمماليك على دأبها ولم أغير شيئاً وأقعدت المماليك على الأبواب بالسلاح إرهاباً لأهل الشرور وردعاً عن أهل الخير وتركت القصر مزيناً على حاله وفتحت له باباً وهو الذي رأيته يوصلني إلى هذه الخربة فأدخل فيها وأنزع ثياب الملك وألبس هذا وأضفر الخوص وأبيعه وأتقوت من ثمنه أنا وزوجتي هذه التي رأيتها هي ابنة عمي زهدت في الدنيا كزهدي واجتهدت حتى صارت كالشن البالي والناس لا يعلمون ما نحن فيه ثم إني قمت لي نائباً ينوب عني طول الجمعة وعلمت أني مسؤول فجعلت لي يوماً في الجمعة أبرز للناس فيه وأكشف مظالمهم كما رأيت وأنا على هذه الحالة مدة فأقم عندنا يرحمك الله حتى نبيع خويصاتنا ونبتاع من ثمنها طعاماً وتفطر معنا وتبيت عندنا الليلة ثم تنصرف بحاجتك إن شاء الله تعالى فلما كان آخر النهار دخل علينا غلام خماسي العمر فأخذ ما عملاه من خوص وسار به إلى السوق فباعه واشترى من ثمنه خبزاً وفولاً واشترى بباقي ثمنه خوصاً فلما كان عند الغروب أفطرا وأفطرت معهما وبت عندهما . قال : فقاما في نصف الليل يصليان ويبكيان فلما كان
261
نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 261