responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي    جلد : 1  صفحه : 257


ريحهم فصاحت أواه أواه قد بلغ والله الشم ثم شهقت خرجت روحها فخرج إليها بنات أتراب عليهم مرقعات ومروط فكفلن أمرها وتولين دفنها وهن مستترات رضوان الله على الجميع . شعر : [ من الرمل ] يا نسيماً هب من وادي قبا * خبريني كيف حال الغربا كم سألت الدهر أن يجمعنا * مثل ما كنا عليه فأبى وحكي أن رجلاً كان يعرف بدينار العيار وكان له والدة صالحة تعظه وهو لا يتعظ فمر في بعض الأيام بمقبرة فأخذ منها عظماً فتفتت في يده ففكر في نفسه وقال : ويحك يا دينار كأني بك وقد صار عظمك هكذا رفاتاً والجسم تراباً فندم على تفريطه وعزم على التوبة ورفع رأسه إلى السماء وقال : إلهي وسيدي ألقيت إليك مقاليد أمري فاقبلني وارحمني ثم أقبل نحو أمه متغير اللون منكسر القلب فقال : يا أماه ما يصنع بالعبد الآبق إذا أخذه سيده قال : يخشن ملبسه ومطعمه ويغل يديه وقدميه فقال : أريد جبة من صوف وأقراصاً من شعير وغلين وافعلي بي كما يفعل بالعبد الآبق لعل مولاي يرى ذلي فيرحمني ففعلت به ما أراد فكان إذا جن عليه الليل أخذ في البكاء والعويل ويقول لنفسه : ويحك يا دينار ألك قوة على النار كيف تعرضت لغضب الجبار ولا يزال كذلك إلى الصباح فقالت له أمه : يا بني أرفق بنفسك فقال : دعيني أتعب قليلاً لعلي أستريح طويلاً يا أماه إن لي غداً موقفاً طويلاً بين يدي رب جليل ولا أدري أيؤمر بي إلى ظل ظليل أو إلى شر مقيل قالت : يا بني خذ لنفسك راحة قال : لست للراحة أطلب كأنك يا أماه غداً بالخلائق يساقون إلى الجنة وأنا أساق إلى النار مع أهلها فتركته وما هو عليه فأخذ في البكاء والعبادة وقراءة القرآن فقرأ في بعض الليالي : " فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون " الحجر : 92 ، 93 . ففكر فيها وجعل يبكي حتى غشي عليه فجاءت أمه إليه فنادته فلم يجبها فقالت له : يا حبيبي وقرة عيني أين الملتقى فقال بصوت ضعيف يا أماه : إن لم تجديني في عرصات القيامة فاسألي مالكاً خازن النار عني ثم شهق شهقة فمات رحمه الله تعالى فغسلته أمه وجهزته وخرجت تنادي : أيها الناس هلموا إلى الصلاة على قتيل النار فجاء الناس من كل جانب فلم ير أكثر جمعاً ولا أغزر دمعاً من ذلك اليوم فلما دفنوه نام بعض أصدقائه تلك الليلة فرآه يتبختر في الجنة وعليه حلة خضراء وهو يقرأ الآية : " فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون " ويقول : وعزته وجلاله سألني ورحمني وغفر لي وتجاوز عني ألا أخبروا عني والدتي بذلك .
وحكي عن الحسن البصري قال : نزل سائل بمسجد فسأل الناس أن يطعموه كسرة فلم يطعموه فقال الله تعالى لملك الموت : اقبض روحه فإنه جائع فقبض روحه فلما جاء المؤذن رآه ميتاً فأخبر الناس بذلك فتعاونوا على دفنه فلما دخل المؤذن المسجد وجد الكفن في المحراب مكتوباً عليه : هذا الكفن مردود عليكم بئس القوم أنتم استطعمكم فقير فلم تطعموه حتى مات جوعاً من كان من أحبابنا لا نكله إلى غيرنا .

257

نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي    جلد : 1  صفحه : 257
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست