نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 218
أعراض الناس فقد ماثل عالم الكلاب فإن دأب الكلب أن يجفو من لا يجفوه ويؤذي من لا يؤذيه فعامله بما كنت تعامل به الكلب إذا نبح ألست تذهب وتتركه وإذ رأيت إنساناً قد جبل على الخلاف إن قلت نعم قال لا وإن قلت لا قال نعم فألحقه بعالم الحمير فإن دأب الحمار إن أدنيته بعد وإن أبعدته قرب فلا تنتفع به ولا يمكنك مفارقته . وإن رأيت إنساناً يهجم على الأموال والأرواح فألحقه بعالم الأسود وخذ حذرك منه كما تأخذ حذرك من الأسد . وإذا بليت بإنسان خبيث كثير الروغان فألحقه بعالم الثعالب وإذا رأيت من يمشي بين الناس بالنميمة ويفرق بين الأحبة فألحقه بعالم الظربان وهي دابة صغيرة تقول العرب عند تفرق الجماعة مشى بينهم ظربان فتفرقوا وإذا رأيت إنساناً لا يسمع الحكمة والعلم وينفر من مجالسة العلماء ويألف أخبار أهل الدنيا فألحقه بعالم الخنافس فإنه يعجبها أكل العذرات وملامسة النجاسات وتنفر من ريح المسك وإذا شمت الرائحة الطيبة ماتت لوقتها . وإذا رأيت الرجل يصنع بنفسه كما تصنع المرأة لبعلها يبيض ثيابه ويعدل عمامته وينظر في عطفيه فألحقه بعالم الطواويس . وإذا بليت بإنسان حقود لا ينسى الهفوات ويجازي بعد المدة الطويلة على السقطات فألحقه بعالم الجمال والعرب تقول أحقد من جمل فتجنب قرب الرجل الحقود وعلى هذا النمط فليحترز العاقل من صحبة الأشرار وأهل الغدر ومن لا وأما الزيارة والاستدعاء إليها : فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى : " وجبت محبتي للمتحابين في والمتباذلين في والمتزاورين في اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي " . وقال صلى الله عليه وسلم : " من عاد مريضاً أو زار أخاً نادى مناد أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلاً . وقيل : المحبة شجرة أصلها الزيارة . قال الشاعر : [ من البسيط ] زر من تحب وإن شطت بك الدار * وحال من دونه حجب وأستار لا يمنعنك بعد من زيارته * إن المحب لمن يهواه زوار ولتكن الزيارة غباً لقوله صلى الله عليه وسلم " زر غباً تزدد حباً . قال الشاعر في معنى ذلك : [ من الطويل ] عليك بأغباب الزيارة إنها * إذا كثرت صارت إلى الهجر مسلكا ألم تر أن الغيث يسأم دائماً * ويسأل بالأيدي إذا هو أمسكا ويقال الإكثار من الزيارة ممل والإقلال منها مخل وكتب صديق إلى صديقه هذا البيت : [ من الطويل ] إذا ما تقاطعنا ونحن ببلدة * فما فضل قرب الدار منا على البعد
218
نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 218