responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي    جلد : 1  صفحه : 213


وكنت جليس قعقاع بن ثور * وما يشقى بقعقاع جليس ضحوك السن إن نطقوا بخير * وعند الشر مطراق عبوس وقال ابن عباس رضي الله عنهما : لجليسي علي ثلاث أن أرمقه بطرفي إذا أقبل وأوسع له إذا جلس وأصغي له إذا حدث ويقال : لكل شيء محل ومحل العقل مجالسته الناس ومثل الجليس الحسن كالعطار إن لم يصبك من عطره أصابك من رائحته . ومثل الجليس السوء مثل الكبريت إن لم يحرق ثوبك بناره آذاك بدخانه . وكانت تحية العرب : صبحتك الأنعمة وطيب الأطعمة وتقول أيضاً : صبحتك الأفالح وكل طير صالح . ووصف المأمون ثمامة بحسن المعاشرة فقال : إنه يتصرف مع القلوب تصرف السحاب مع الجنوب . وقيل : أول ما يتعين على الجليس الإنصاف في المجالسة بأن يلحظ بعين الأدب مكانه من مكان جليسه فيكون كل منهما في محله . وقال صلى الله عليه وسلم : " ذو العلم والسلطان أحق بشرف المنزل " . وقال جعفر الصادق رضي الله عنه إذا دخلت منزل أخيك فاقبل كرامته كلها ما عدا الجلوس في الصدور وينبغي للإنسان أن لا يقبل بحديثه على من لا يقبل عليه فقد قيل : إن نشاط المتكلم بقدر إقبال السامع ويتعين عليه أن يحدث المستمع على قدر عقله ولا يبتدع كلاماً لا يليق بالمجلس فقد قيل : لكل مقام مقال وخير القول ما وافق الحال . وأوجبوا على المستمع أنه إذا ورد عليه من المتكلم ما كان مر بسمعه أولاً أن لا يقطع عليه ما يقوله بل يسكت إلى أن يستوعب منه القول .
وعدوا ذلك من باب الأدب ولعله إذا صبر وسكت استفاد من ذلك زيادة فائدة لم تكن في حفظه . وقيل : ثانية إن أهينوا فلا يلوموا إلا أنفسهم الجالس في مجلس ليس له بأهل والمقبل بحديثه على من لا يسمعه والداخل بين اثنين في حديثهما ولم يدخلاه فيه والمتعرض لما لا يعنيه والمتآمر على رب البيت في بيته والآتي إلى مائدة بلا دعوة وطالب الخير من أعدائه والمستخف بقدر السلطان . ويتعين على الجليس أن يراعي ألفاظه ويكون على حذر أن يعثر لسانه خصوصاً إذا كان جليسه ذا هيبة فقد قيل : رب كلمة سلبت نعمة . وقال أبو العباس السفاح : ما رأيت أغزر من فكر أبي بكر الهذلي لم يعد علي حديثاً قط وقيل : إن أبا العباس كان يحدثه يوماً إذ عصفت الريح فأرمت طستاً من سطح إلى المجلس فارتاع من حضر ولم يتحرك الهذلي ولم تزل عينه مطابقة لعين السفاح فقال : ما أعجب شأنك يا هذلي فقال : إن الله يقول : " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " الأحزاب : 4 . وإنما لي قلب

213

نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي    جلد : 1  صفحه : 213
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست