responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي    جلد : 1  صفحه : 140


من غير أن يعلم الآخر به لمعان شتى منها لئلا يقع بين المستشارين منافسة فتذهب إصابة الرأي لأن من طباع المشتركين في الأمر التنافس والطعن من بعضهم في بعض وربما سبق أحدهم بالرأي الصواب فحسدوه وعارضوه وفي اجتماعهم أيضاً للمشورة تعريض السر للإذاعة فإذا كان كذلك وأذيع السر لم يقدر الملك على مقابلة من أذاعه للإبهام فإن عاقب الكل عاقبهم بذنب واحد وإن عفا عنهم ألحق الجاني بمن لا ذنب له . وقيل : إذا أشار عليك صاحبك برأي ولم تحمد عاقبته فلا تجعلن ذلك عليه لوماً وعتاباً بأن تقول : أنت فعلت وأنت أمرتني ولولا أنت فهذا كله ضجر ولوم وخفة .
وقال أفلاطون : إذا استشارك عدوك فجرد له النصيحة لأنه بالاستشارة قد خرج عن عداوتك إلى موالاتك وقيل : من بذل نصحه واجتهاده لمن لا يشكره فهو كمن بذر في السباخ .
قال الشاعر يمدح من له رأي وبصيرة : [ من الطويل ] بصير بأعقاب الأمور كأنما * يخاطبه من كل أمر عواقبه وقال ابن المعتز المشورة راحة لك وتعب على غيرك . وقال الأحنف : لا تشاور الجائع حتى يشبع ولا العطشان حتى يروى ولا الأسير حتى يطلق ولا المقل حتى يجد .
ولما أراد نوح بن مريم قاضي مروان أن يزوج ابنته استشار جاراً له مجوسياً فقال : سبحان الله الناس يستفتونك وأنت تستفتيني . قال : لا بد أن تشير علي . قال : إن رئيس الفرس كسرى كان يختار المال ورئيس الروم قيصر كان يختار الجمال ورئيس العرب كان يختار الحسب ورئيسكم محمد كان يختار الدين فانظر لنفسك بمن تقتدي . وكان يقال : من أعطى أربعاً لم يمنع أربعاً . من أعطى الشكر لم يمنع المزيد ومن أعطى التوبة لم يمنع القبول ومن أعطى الاستخارة لم يمنع الخيرة ومن أعطى المشورة لم يمنع الصواب . وقيل : إذا استخار الرجل ربه واستشار صحبه وأجهد رأيه فقد قضى ما عليه ويقضي الله تعالى في أمره ما يحب . وقال بعضهم : خمير الرأي خير من فطيره وتقديمه خير من تأخيره . وقالت الحكماء : لا تشاور معلماً ولا راعي غنم ولا كثير القعود مع النساء ولا صاحب حاجة يريد قضاءها ولا خائفاً ولا حاقناً وقيل : سبعة لا ينبغي لصاحب أن يشاورهم . جاهل وعدو وحسود ومراء وجبان وبخيل وذو هوى فإن الجاهل يضل والعدو يريد الهلاك والحسود يتمنى زوال النعمة والمرائي واقف مع رضا الناس والجبان من رأيه الهرب والبخيل حريص على جمع المال فلا رأي له في غيره وذو الهوى أسير هواه فلا يقدر على مخالفته .
وحكي أن رجلاً من أهل يثرب يعرف بالأسلمي قال : ركبني دين أثقل كاهلي وطالبني به مستحقوه واشتدت حاجتي إلى ما لا بد منه وضاقت علي الأرض ولم أهتد إلى ما أصنع فشاورت من أثق به من ذوي المودة والرأي فأشار علي بقصد المهلب بن أبي صفرة بالعراق فقلت له : تمنعني المشقة وبعد الشقة وتيه المهلب ثم إني عدلت عن ذلك المشير إلى استشارة غيره فلا والله ما زادني على ما ذكره الصديق الأول فرأيت أن قبول المشورة خير من

140

نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي    جلد : 1  صفحه : 140
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست