العدو إلا أن مدته لم تطل وبلغت الأندلس في أيامه نهاية الكمال وكان على أهلها أسعد مولود حكى ابن حيان عن زعيم المنجمين على عهد الحكم أنه نظر في مولد عبد الملك هذا وهو طفل فأشار من بعد سعادته إلى أمر كبير لم يدرك هو آخره فعجب من شاهده من جودة إصابته وذلك أنه قال لم يولد قط بالأندلس مولود أسعد منه علي أبيه وعلى نفسه وعلى حاشيته نعم وعلى أهل الأندلس طرا وعلى أرضها طرا فضلا عن ناسها وإنها لا تزال كذلك حال حياته وإذا هلك فما أراها إلا بالضد فكان كذلك . وأما أبو المطرف عبد الرحمن الناصر أخو عبد الملك فإنه ولي الحجابة بعده فلم يقم إلا يسيرا حتى قام عليه المهدي محمد بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر فقتل وصلب وانبعثت الفتن على الأثر فما خمدت نارها إلا في النادر إلى وقتنا هذا وهو سنة أربعين وستمائة وقد استولى الروم فيه على الأندلس بأسرها مع الجزائر الشرقية المضافة إليها بين صلح وعنوة . وشؤم عبد الرحمن الناصر هو الذي جر افتراق الجماعة وجرأ على خلعان الطاعة وعلى رجله كان الفساد العام لما استشرف إلى الخلافة واستقل خطة الحجابة ولم يرض إلا بالإمامة فداخل هشاما المضعوف وطالبه بأن يجعله ولي عهده ويلقى إليه بجميع أمره فاستفتى في ذلك فقهاء قرطبة وعلماءها