* فقد صرت بعد البين أقنع بالهجر * ثم وجه في صاحب البريد عبد اللّه بن الصائغ وكان شاعرا مجيدا فعرفه ما جرى وقال له بحياتي إلا زدت عليه شيئا فقال ابن الصائغ : ولي كبد لولا الأسى لتصدعت * وقلب أبي أن يستريح إلى الصبر وقد كنت أخشى هجر هم قبل بينهم * فقد صرت بعد البين أقنع بالهجر فأعجبه ذلك ووقع منه أحسن موقع وغنى به مؤنس فطرب وأمر له بخلع نفيسة وكيس فيه ألف دينار وفرس بسرج ولجام محليين وهذا قد كان يحسن منه لولا أنهماكه في ملذاته الذي كان فيه هلاكه . وقال أبو بكر محمد بن محمد الصولي في كتاب الأخبار المنثورة من تأليفه حدثني أبو الحسن علي بن جعفر الكاتب حدثني أبي قال كان لزيادة اللّه ابن عبد اللّه بن إبراهيم بن أحمد وهو زيادة اللّه الأصغر وكان أميرا بإفريقية غلام فحل صبي يدعي خطابا وهو الذي اسمه في السكك فسخط عليه وقيده بقيد من ذهب فدخل يوما من الأيام صاحبه على البريد وهو عبد اللّه بن الصائغ فلما رأى الغلام مقيدا تأخر قليلا وعمل بيتين وكتب بهما إلى زيادة اللّه وهما : يا أيها الملك الميمون طائره * رفقا فإن يد المعشوق فوق يدك كم ذا التجلد والأحشاء راجفة * أعيذ قلبك أن يسطو على كبدك