نام کتاب : التوابون نویسنده : إبراهيم بيضون جلد : 1 صفحه : 156
بمنتهى العنف والشراسة . ولكن التوابين ، للحقيقة ، لم يتخاذلوا ولم يتخلوا مطلقا عن ايمانهم بالقضية التي يناضلون في سبيلها ، وانما ظلوا متماسكين في جبهة واحدة متراصة ويقاتلون قتالا بطوليا مستميتا [1] ، حتى أن هجماتهم الانتحارية أوقفت بعض الوقت الجنود الأمويين عن التقدم ، وجعلتهم يتحاشون الالتحام المباشر معهم ، فاعتمدوا النبال كسلاح رئيسي [2] وتمكنوا بذلك من إنزال خسائر جسيمة في صفوف التوابين ، مما أدى إلى سيطرتهم أخيرا على زمام الموقف . وكان سليمان ذلك الرجل الأسطوري ، يتقدم رفاقه المناضلين ، بخطى ثابتة نحو قدره الذي اختاره عن قناعة وايمان . وفي وسط المعمعة كان صوته يخترق الآذان مرددا : عباد الله من أراد البكور إلى ربه والتوبة من ذنبه والوفاء بعهده فالي [3] . وكانت هذه الكلمات آخر ما وردده القائد التوابي وهو يشق بسيفه صفوف الأمويين بكل جرأة ورباطة جأش . ولعله عاش في تلك اللحظات لذة الانتقام وحلم الشهادة الذي أوشك أن
[1] الجمعة في 24 جمادي الأول 65 هجري / 6 كانون الثاني 685 م . المسعودي : مروج الذهب : 3 / 94 . [2] جون جلوب : إمبراطورية العرب 135 . [3] الطبري : 7 / 76 .
156
نام کتاب : التوابون نویسنده : إبراهيم بيضون جلد : 1 صفحه : 156