نام کتاب : التنبيه والإشراف نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 194
الحبشة فمن جهة شرقها ، وأما بحر الإسكندرية وهو بحر الروم فمن جهة شمالها ، فيحمى جوها فلا يغلظ البخار السائل إليه ولا يجتمع حتى يخالط بحر الإسكندرية ويمتزج به ، ويجوزان معا جهة الشمال من بلاد أروفى ، وإذا صارا إلى الموضع الذي يعرض لهما فيه الانحصار ببرد الجو وما يحيط به من الجبال سالت تلك الأبخرة هناك ، فصارت أمطارا في تلك المواضع الشمالية ، فلهذه العلة عدم أهل مصر المطر . ولأن النيل بزيادته يفيض على بلاد مصر ، فإذا نقص تراد إلى قعره فقبلت تلك الأرض حسيا كثيرا ، لكثرة إقامة الماء عليها ، فيكثر ما يرتفع من أرضها في كل يوم من البخار بحر الشمس ، فإذا جاء الليل يبرد حرها بالإضافة إلى قدر ما كان عليه عند شروق الشمس ، فاستحال البخار ماء ، فسال بالليل سيلانا ضعيفا لعدمه التكاثف والانحصار ، فصار طلا عائدا إلى الأرض ، ولعلل غير ذلك ذكروها ويجوز ؟ ن يكون ذلك لعلل استأثر الله عز وجل بعلمها ، ولم يظهر أحدا من خلقه عليها ، ؟ ا هو عز وجل أعلم به من عمارة البلاد ، وصلاح العباد قال أبو الحسن على بن الحسين المسعودي : ولما ذكرنا شرح طويل والكلام فيه كثير ، ومن ضمن الاختصار ، لم يجز له الاكثار . وإنما نذكر في هذا الكتاب طرفا من كل باب ليستدل الناظر فيه بما رسمناه على المراد مما تركنا ، قانعين بالتعريض والإشارة من التطويل في العبارة فإذ ذكرنا جامع التأريخ من آدم إلى نبينا صلى الله عليه وسلم ، وسني الأمم وشهورها ، ونسيئها وكبائسها ، وما اتصل بذلك فلنذكر الآن التأريخ من مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مبعثه وهجرته ووفاته ، ومن كان بعده من الخلفاء والملوك إلى هذا الوقت .
194
نام کتاب : التنبيه والإشراف نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 194