نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 1 صفحه : 86
لك الطيبات وهو يكره أن تنال منها شيئا ؟ بل أنت أهون على اللَّه ، أما سمعت اللَّه تعالى في كتابه يقول : * ( والأَرْضَ وَضَعَها لِلأَنامِ ) * إلى قوله : * ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ والْمَرْجانُ ) * ( الرحمن : 10 - 22 ) ، أفترى اللَّه أباح هذه لعباده ليبتذلوه ويحمدوا اللَّه عليه فيثيبهم ، وإن ابتذالك نعم اللَّه بالفعال خير منه بالمقال ، قال : عاصم : فما بالك في جشوبة مأكلك وخشونة ملبسك ، فإنما تزييت بزيك ، قال : ويحك إن اللَّه فرض على أئمة الحقّ أن يقدروا نفسهم بضعفة الناس لئلا يتبيّغ بالفقير فقره . [152] - قال ابن عبّاس : دخلت على علي عليه السلام بذي قار وهو يخصف نعله ، فقال لي : ما قيمة هذه النعل ؟ فقلت : لا قيمة لها ، فقال : واللَّه هي أحبّ إليّ من إمرتكم ، إلا أن أقيم حقا أو أدفع باطلا . [153] - ومن كلام له : ولقد كان صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يأكل على الأرض ، ويجلس جلسة العبد ، ويخصف بيده نعله ، ويرقع بيده ثوبه ، ويركب الحمار المعرّى ( 1 ) ، ويردف خلفه ، ويكون الستر على باب بيته فيه التصاوير فيقول : يا فلانة غيّبيه عنّي فإني إذا نظرت إليه ذكرت الدنيا وزخارفها ، فأعرض عن الدنيا بقلبه ، وأمات ذكرها عن نفسه ، وأحبّ أن يغيّب زينتها عن عينيه . ولقد كان في رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ما يدلَّك على مساوئها وعيوبها إذ جاع فيها مع خاصّته ، وزويت عنه مع عظم زلفته ، فلينظر ناظر بعقله : أأكرم اللَّه محمدا بذلك أم أهانه ؟ فإن قال : أهانه فقد كذب والعظيم ، وإن قال أكرمه ، فليعلم أن اللَّه قد أهان غيره حين بسط الدنيا له وزواها عن اقرب الناس إليه :