نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 1 صفحه : 73
[109] - وقال : شتّان بين عملين : عمل تذهب لذته وتبقى تبعته ، وعمل تذهب مؤونته ويبقى أجره . [110] - وقال عليه السلام وقد سمع رجلا يذمّ الدنيا : أيها الذامّ للدنيا المغتر بغرورها ، بم تذمّها ؟ أنت المتجرّم عليها أم هي المتجرّمة عليك ؟ متى استهوتك أم متى غرّتك ؟ أبمصارع آبائك من البلى ، أم بمضاجع أمهاتك تحت الثرى ؟ كم علَّلت بكفيك ، وكم مرّضت بيديك ، تبغي لهم الشفاء ، وتستوصف لهم الأطباء ( 1 ) ، لم ينفع أحدهم إشفاقك ، ولم تسعف فيه بطلبتك ، ولم تدفع عنه بقوتك ، قد مثّلت لك به الدنيا نفسك ، وبمصرعه مصرعك . إن الدنيا دار صدق لمن صدقها ودار عافية ( 2 ) لمن فهم عنها ، ودار غنى لمن تزوّد منها ، ودار موعظة لمن اتّعظ بها : مسجد أحبّاء اللَّه ، ومصلَّى ملائكته ، ومهبط وحي اللَّه ، ومتجر أولياء اللَّه ، اكتسبوا فيها الرحمة ، وتربحوا ( 3 ) فيها الجنة ؛ فمن ذا يذمّها وقد آذنت ببينها ، ونادت بفراقها ، ونعت نفسها وأهلها ، فمثّلت لهم ببلائها البلاء ، وشوقتهم بسرورها إلى السرور ؟ راحت بعافية ، وابتكرت بفجيعة ، ترغيبا وترهيبا ، وتخويفا وتحذيرا ، فذمّها رجال غداة الندامة وحمدها آخرون ، ذكَّرتهم فذكروا ، وحدّثتهم فصدقوا ، ووعظتهم فاتعظوا .