responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون    جلد : 1  صفحه : 405


وعمالنا بالحق عاملة ، فلم نمنع فرحة عاجلة ؟
اعترض عليه في ذلك فقيل : أخطأ في وجوه أحدها أنّ الإدمان إفراط ، والإفراط مذموم ، والآخر أنه جهل أنّ أمن السّبل وعدل السيرة وعمارة الدنيا والعمل بالحقّ متى لم يوكل به الطَّرف الساهر ولم يحظ بالعناية التامة ، ولم يحفظ بالاهتمام الجالب لدوام النظر ، دبّ إليها النقص ، والنقص مزيل للأصل ، مزعزع للدعامة ، والآخر أنّ الزمان أعزّ من أن يبذل كله للهو والتمتع ، فإنّ في تكميل النفس باكتساب الرشد لها ، وإبعاد الغيّ عنها ما يستوعب أضعاف العمر ، فكيف إذا كان العمر قصيرا أو كان ما يدعو إليه الهوى كثيرا ، والآخر أنه ذهب عليه أنّ العامة والخاصة إذا وقفت على استهتار الملك باللذات وانهماكه في طلب الشهوات ازدرته واستهانت به وحدّثت عنه بالأخلاق المذمومة ، واستهانتهم للناظر في أمورهم والقيّم بشأنهم ، متى تكررت على اللسان انتشرت في المحافل والتفت بها بعضهم إلى بعض ، وهذه مكسرة للهيبة ، وقلة الهيبة رافعة للحشمة ، وارتفاع الحشمة باعث على الوثبة ، والوثبة غير مأمونة من الهلكة ، وما خلا الملك من طامع راصد قطَّ ، وليس ينبغي للملك الحازم أن يظنّ أنه لا ضدّ له ولا منازع ، فقد ينجم الضد والمنازع من حيث لا يحتسب ، وما أكثر خجل الواثق . وعلى الضدّ متى كان السائس ذا تحفّظ وبحث وتتبّع وحزم وإكباب على لمّ الشّعث وتقويم الأود وسدّ الخلل وتعرّف المجهول وتحقق المعلوم ودفع المنكر وبثّ المعروف ، احترست منه العامة والخاصة ، واستشعرت الهيبة والتزمت بينها النّصفة ، وكفّت كثيرا من معاناتها ومراعاتها ، فإن كان للدولة راصد للعثرة ، يئس من نفوذ الحيلة فيها ، لأنّ اللصّ إذا رأى مكانا حصينا ، وعهد حراسا لم يحدّث نفسه بالتعرّض له ، وإنما يقصد قصرا فيه ثلمة ، أو بابا إليه طريق . والأعراض بالأسباب ، فإذا ضعف السبب ضعف العرض ، وإذا انقطع العرض انقطع السبب .

405

نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون    جلد : 1  صفحه : 405
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست