نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 1 صفحه : 177
المصّيصة ، فعملت بها أياما فلم يصف لي شيء من الحلال ، فسألت بعض المشايخ فقال لي : إن أردت الحلال الصافي فعليك بطرسوس فإن فيها المباحات والعمل الكثير ، فتوجهت إلى طرسوس فعملت بها ، أنظر البساتين وأحصد الحصاد ، فبينما أنا قاعد على باب البحر جاءني رجل فاكتراني أنطر له بستانا ، فكنت في البستان أياما كثيرة ، فإذا أنا بخادم قد أقبل ومعه أصحابه فقعد في مجلسه ثم صاح : يا ناطور ، فقلت : هو ذا أنا ، قال : فاذهب فأتنا بأكبر رمّان تقدر عليه وأطيبه ، فذهبت فأتيته بأكبر رمان فأخذ الخادم رمانة فكسرها فوجدها حامضة ، فقال لي : يا ناطور أنت في بستاننا منذ كذا وكذا تأكل فاكهتنا وتأكل رمّاننا ولا تعرف الحلو من الحامض ؟ قال إبراهيم فقلت : واللَّه ما أكلت من فاكهتك شيئا ، وما أعرف الحلو من الحامض ، فأشار الخادم إلى أصحابه وقال : أما تسمعون كلام هذا ؟ ثم قال : أتراك لو أنك ( 1 ) إبراهيم بن أدهم ما زاد على هذا ، وانصرف فلما كان من الغد ذكر صفتي ( 2 ) في المسجد فعرفني بعض الناس ، فجاء الخادم ومعه خلق ( 3 ) فلما رأيته قد أقبل مع أصحابه اختفيت خلف الشجر ، والناس داخلون ، فاختلطت معهم وهم داخلون وأنا هارب . كان هذا ( 4 ) أوائل أمري وخروجي من طرسوس إلي بلاد الرمال . [396] - وكان إبراهيم يعمل بفلسطين بكراء إذ مرّ به الجيش إلى مصر وهو يستقي الماء قطع الدلو وألقاه في البئر لئلا يسقيهم ، فكانوا يضربون رأسه يسألونه عن الطريق وهو يتخارس عليهم لئلا يدلَّهم .