نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 1 صفحه : 11
إسم الكتاب : التذكرة الحمدونية ( عدد الصفحات : 466)
الغث والسمين والمعرفة والنكرة « موهما بمناقضته لقول غيره : أحسن فيه أو أجاد فيه ، ولكن لا تناقض هنالك ، والأمر في ذلك نسبي ، بحسب الزاوية التي ينظر الناظر منها إلى ذلك الكتاب ؛ وابن حمدون لم يزعم أنه يجمع - في كل الأحوال - أجود المختارات من الشعر والنثر ، وإنما كان يقيد ما يظنه متصل المعنى بالباب الذي يعقده ، وإن قال في مقدمته : « ونظمت فيه فريد النثر ودرره ، وضمنته مختار النظم ومحبره ، وأودعته غرر البلاغة وعيونها ، وأبكار القرائح وعونها ، وبدائع الحكم وفنونها ، وغرائب الأحاديث وشجونها » ، فهذا يعني أن الكتاب يحتوي من ذلك الكثير ، ولكنه لا ينفي أن المخشلبة قد تقع أحيانا إلى جانب الدرة لتظهر الأولى مدى تفرد الثانية . وربما لمس المرء في مقدمة التذكرة أن ابن حمدون كان يعاني نوعا من العزلة حين أخذ في جمع مادتها ، مؤثرا عشرة الكتب على عشرة الآدميين ، فهو يقول إنه أخذ في وضع كتابه حين « فسد الزمان وخان الاخوان ، وأوحش الأنيس ، وخيف الجليس ، وصار مكروه العزلة مندوبا ، ومأثور الخلطة محذورا » ، وكانت غايته من وراء ذلك - بعد التسلية الذاتية - أن يقدم للناس أمثالا وحكما وحكايات وأخبارا ونوادر ، لعلهم يجدون في كل ذلك الترويح والمتعة والعبرة والتأدب والتثقف . ولفظة « التذكرة » أقرب إلى أن تدل على مقيدات مرسلة لا يضبطها ضابط ، تقف فيها الموعظة إلى جانب النادرة ، إلى جانب الفائدة العلمية ، إلى جانب التجربة الذاتية ، ولكن ابن حمدون شاء لتذكرته التبويب ، فقسمها في خمسين بابا وجعل كلّ باب يحتوي على فصول ، فاخضاع التذكرة لهذا التنظيم الواعي قد جعل لها منهجا ومخططا شأنها شأن معظم كتب « الأدب » من أمثال عيون الأخبار والعقد الفريد ونثر الدرّ وبهجة المجالس ولباب الآداب ومحاضرات الراغب وربيع الأبرار والمستطرف ؛ فكلها قائم على التقسيم إلى فصول ، ولكنها تتفاوت فيما بينها في شيئين : في طبيعة ما تركَّز عليه من توجّه ، كالتوجّه الأخلاقي أو الأدبي مثلا ، وفي طبيعة ما تنفرد به رجاء الخروج من دائرة النقل
11
نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 1 صفحه : 11