نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 1 صفحه : 422
زاد تبسّط بايكباك وتسلَّطه ، قبض عليه ليواقفه على أفعاله وهو لا يريد قتله ، فجاشت الأتراك وحضروا الباب يطلبونه ، فاستشار المهتدي صالح بن عليّ بن يعقوب بن المهدي بن المنصور ، وكان ذا قعددهم ، فقال : يا أمير المؤمنين ، هو حديث أبي مسلم والمنصور ، فلو فعلت كما فعل لسكنوا ، فأمر بضرب عنقه ورمى رأسه إليهم ، فتناخروا وشدّوا على الذي ألقى الرأس فقتلوه ، وأضرموا حربا أجلت عن هزيمة المهتدي ، ثم ظفروا به وقد هرب إلى دار وغيّر زيه ، فأردفوه سائسا على بغل وخلعوا أصابعه حتى خلع نفسه ثم قتلوه . [1078] - وكان المهتدي أمير صدق وصاحب نسك ، لبس الصوف ، وهمّ بافاضة العدل فحالت دونه الأتراك ، وقصرت أيامه فلم يتمكن من مرامه ، وكان يسمّى راهب بني العباس ؛ تظلَّم إليه رجل من بعض أسبابه فاحضره وحكم عليه بما صحّ عنده ، فقام الرجل وشكره وقال : أنت يا أمير المؤمنين كما قال الأعشى : [ من السريع ] . < شعر > حكمتموه فقضى بينكم أبلج مثل القمر الزاهر لا يقبل الرشوة في حكمه ولا يبالي غبن الخاسر < / شعر > فقال المهتدي : أما أنت فأحسن اللَّه جزاءك ، وأما شعر الأعشى فما رويته ، ولكني قرأت اليوم قبل خروجي إلى هذا المجلس قول اللَّه سبحانه وتعالى : * ( ونَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وكَفى بِنا حاسِبِينَ ) * ( الأنبياء : 47 ) فما بقي أحد في المجلس إلَّا بكى .