نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 1 صفحه : 338
تفقّدهم ( 1 ) . إنك إن استأمرتهم حملت الأمور ( 2 ) عليهم ، وإن قطعت الأمر دونهم لم تأمن فيه مخالفتهم . إنك لا تأمن أمرهم إن صدقتهم ، ولا تأمنهم إن كذبتهم . كن حافظا إن ولوك ( 3 ) ، حذرا ( 4 ) إن قرّبوك ، أمينا إن ائتمنوك ، وعلَّمهم كأنك تتعلَّم منهم ، وأدّبهم كأنهم أدبوك ، واشكرهم ولا تكلَّفهم الشكر ؛ كن بصيرا بأهوائهم مؤثرا لمنافعهم ، ذليلا إن ضاموك ( 5 ) ، راضيا إن أسخطوك ، وإلا فالبعد منهم كلّ البعد ، والحذر كلّ الحذر . وهذه جملة من كلام القدماء هي أدب لأتباع الملوك على اختلاف طبقاتهم ، ولا حاجة بنا إلى تخصيص كلّ طائفة بما ينبغي لها ( 6 ) فعله وتوخّيه ، ويجب عليها تركه وتنحيته ، فإن الأدب والسياسة يشترك فيهما أصل الحسّ ثم يأخذ كلّ منهما بمقدار حظَّه من الولاية ، ولو أوردنا ذلك لخرج عن معنى هذا الكتاب ، ولكان مصنّفا مخصوصا به فيحتمل حينئذ التحبيس والتفريع . وسنذكر من كلام الخلفاء وملوك الاسلام ، وما أخذوه على أتباعهم ، ورسموه لهم ما يكمل به المقصود إن شاء اللَّه . [856] وقد قالت القدماء : إن وجدت عن صحبة السلطان غنى فأغن نفسك عنه واعتزله جهدك ، فإن من يأخذ للسلطان بحقّه يحل بينه وبين لذّة الدنيا وعمل الآخرة ، ومن لا يأخذ بحقه يحتمل الفضيحة في الدنيا والوزر في الآخرة .