نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 86
خذ من نفسك ساعة نشاطك وفراغ بالك وإجابتها إياك فان قليل تلك الساعة أكرم جوهرا وأشرف حسبا وأحسن في الاسماع وأحلى في الصدور وأسلم من فاحش الخطأ وأجلب لكل عين وغرة من لفظ شريف ومعنى بديع واعلم أن ذلك أجدى عليك مما يعطيك [ يومك الأطول بالكد والمطاولة والمجاهدة وبالتكلف والمعاودة ومهما أخطأك لم يخطئك أن يكون مقبولا قصدا وخفيفا على اللسان سهلا وكما خرج من ينبوعه ونجم من معدنه وإياك والتوعر فان التوعر يسلمك إلى التعقيد والتعقيد هو الذي يستهلك معانيك ويشين ألفاظك ومن أراد معنى كريما فليلتمس له لفظا كريما فان حق المعنى الشريف اللفظ الشريف ومن حقهما أن تصونهما عما يفسدهما ويهجنهما وعما تعود من أجله إلى أن تكون أسوأ حالا منك قبل أن تلتمس اظهارهما وترتهن نفسك بملابستهما وقضاء حقهما وكن في ثلاث منازل فان أولى الثلاث أن يكون لفظك رشيقا عذبا وفخما سهلا ويكون معناك ظاهرا مكشوفا وقريبا معروفا إما عند الخاصة إن كنت للخاصة قصدت وإما عند العامة إن كنت للعامة أردت والمعنى ليس يشرف بان يكون من معاني الخاصة وكذلك ليس يتضع بان يكون من معاني العامة وإنما مدار الشرف على الصواب واحراز المنفعة مع موافقة الحال وما يجب لكل مقام من المقال وكذلك اللفظ العامي والخاصي فان أمكنك أن تبلغ من بيان لسانك وبلاغة قلمك ولطف مداخلك واقتدارك على نفسك على أن تفهم العامة معاني الخاصة وتكسوها الألفاظ الواسطة التي لا تلطف عن الدهماء ولا تجفو عن الاكفاء فأنت البليغ التام قال بشر فلما قرئت على إبراهيم قال لي أنا أحوج إلى هذا من هؤلاء الفتيان قال أبو عثمان اما أنا فلم أر قط أمثل طريقة في البلاغة من الكتاب فإنهم قد التمسوا من الألفاظ ما لم يكون متوعرا وحشيا ولا ساقطا سوقيا وإذا سمعتموني أذكر العوام فاني لست أعني الفلاحين والحشوة والصناع والباعة ولست أعني الأكراد في الجبال وسكان الجزائر في البحار ولست أعني من الأمم مثل اليبر والطيلسان ومثل موقان وجيلان ومثل
86
نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 86