نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 64
ذا تصرف في العلم ومذكورا بالفهم والحلم قال معمر أبو الأشعث قلت لبهلة الهندي - أيام اجتلب يحيى بن خالد أطباء الهند مثل منكة وبازيكر وقلبرقل وسندباذ وفلان وفلان - ما البلاغة عند أهل الهند قال بهلة عندنا في ذلك صحيفة مكتوبة لا أحسن ترجمتها لك ولم أعالج هذه الصناعة فأثق من نفسي بالقيام بخصائصها وتلخيص لطائف معانيها قال أبو الأشعث فلقيت بتلك الصحيفة التراجمة فإذا فيها أول البلاغة اجتماع آلة البلاغة وذلك أن يكون الخطيب رابط الجأش ساكن الجوارح قليل اللحظ متخير اللفظ لا يكلم سيد الأمة بكلام الأمة ولا الملوك بكلام السوقة ويكون في قواه فضل للتصرف في كل طبقة ولا يدقق المعاني كل التدقيق ولا ينقح الالفاظ كل التنقيح ولا يصفيها كل التصفية ولا يهذبها غاية التهذيب ولا يفعل ذلك حتى يصادف حكميا أو فيلسوفا عليما ومن قد تعود حذف فضول الكلام واسقاط مشتركات الألفاظ قد نظر في صناعة المنطق على جهة الصناعة والمبالغة لا على جهة الاعتراض والتصفح وعلى جهة الاستطراف والتظرف وقال من علم حق المعنى أن يكون الاسم له طبقا وتلك الحال له وفقا ويكون الاسم له لا فاضلا ولا مفضولا ولا مقصرا ولا مشتركا ولا مضمنا ويكون مع ذلك ذاكرا لما عقد عليه أول كلامه ويكون تصفحه لمصادره في وزن تصفحه لموارده ويكون لفظه مؤنقا ولهول تلك المقامات معاودا ومدار الأمر على إفهام كل قوم بقدر طاقتهم والحمل عليهم على أقدار منازلهم وان تواتيه آلته وتتصرف معه أداته ويكون في التهمة لنفسه معتدلا وفي حسن الظن بها مقتصدا فإنه إن تجاوز مقدار الحق في التهمة لنفسه ظلمها فأودعها ذلة المظلومين وان تجاوز الحق في مقدار حسن الظن بها أمنها فأودعها تهاون الآمنين ولكل ذلك مقدار من الشغل ولكل شغل مقدار من الوهن ولكل وهن مقدار من الجهل وقال إبراهيم بن هانئ - وكان ماجنا خليعا كثير العبث متمردا - ولولا أن كلامه هذا الذي أراد به الهزل يدخل في باب الجد لما جعلته صلة الكلام
64
نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 64