نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 59
ومجزية مغنية بل لوجدناها فاضلة على الكفاية وغير مقصرة عن الغاية وأحسن الكلام ما كان قليلة يغنيك عن كثيرة ومعناه في ظاهر لفظه وكان الله عز وجل قد ألبسه من الجلالة وغشاه من نور الحكمة على حسب نية صاحبه وتقوى قائله فإذا كان المعنى شريفا واللفظ بليغا وكان صحيح الطبع بعيدا من الاستكراه ومنزها عن الاختلال مصونا عن التكلف صنع في القلب صنيع الغيث في التربة الكريمة ومتى فصلت الكلمة على هذه الشريطة ونفذت من قائلها على هذه الصفة أصحبها الله من التوفيق ومنحها من التأييد ما لا يمتنع من تعظيمها به صدور الجبابرة ولا يذهل عن فهمها عقول الجهلة وقد قال عامر بن عبد القيس الكلمة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب وإذا خرجت من اللسان لم تجاوز الآذان قال الحسن رضي الله تعالى عنه وسمع متكلما يعظ فلم تقع موعظته بموضع من قلبه ولم يرق عندها يا هذا ان بقلبك لشرا أو بقلبي وقال علي بن الحسين ابن علي رضي الله عنهم لو كان الناس يعرفون جملة الحال في فضل الاستبانة وجملة الحال في صواب التبيين لأعربوا عن كل ما تخلج في صدورهم ولوجدوا من برد اليقين ما يغنيهم عن المنازعة إلى كل حال سوى حالهم وعلى أن درك ذلك كان يعدمهم في الأيام القليلة العدة والفكرة القصيرة المدة ولكنهم من بين مغمور بالجهل ومفتون بالعجب ومعدول بالهوى عن باب التثبت ومصروف بسوء العادة عن تفضيل التعلم وقد جمع محمد بن على بن الحسين صلاح شأن الدنيا بحذافيرها في كلمتين فقال صلاح شأن جميع التعايش والتعاشر ملء مكيال ثلثاه فطنة وثلثه تغافل فلم يجعل لغير الفطنة نصيبا من الخير ولا حظا في الصلاح لأن الانسان لا يتغافل إلا عن شيء قد فطن له وعرفه وذكر هذه الثلاثة الاخبار إبراهيم بن داحة عن محمد بن عمير وذكرها صالح بن علي الأفقم عن محمد بن عمير وهؤلاء جميعا من مشايخ الشيع وكان ابن عمير أغلاهم وأخبرني إبراهيم بن السندي عن علي بن صالح الحاجب عن العباس بن محمد قال قيل لعبد الله بن عباس أنى لك هذا العلم قال قلب عقول
59
نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 59