responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 526


أعطاه من الاخلاق المحمودة واللسان البين بما لم يكن عندهم وكما خصه من البيان بما لم يخصهم به فكذلك يخصه من تلك الاخلاق ومن تلك الدلائل بما يفوقهم فصار باطلاق اللسان على غير التلقين والترتيب وبما نقل إليهم من طبائعه ونقل إليه من طبائعهم وبالزيادة التي أكرمه الله بها أشرف شرفا وأكرم كرما وقد علمنا ان الخرس والأطفال إذا أدخلوا الجنة وحولوا في مقادير البالغين والى الكمال والتمام لا يدخلونها إلا مع الفصاحة بلسان أهل الجنة ولا يكون ذلك إلا على خلاف الترتيب والتدريج والتعليم والتقويم وعلى ذلك المثال كان كلام عيسى بن مريم عليه السلام في المهد وانطاق يحيى عليه السلام بالحكمة صبيا وكذلك القول في آدم وحواء عليه السلام وقد قلنا في ذئب اهبان بن أوس وغراب نوح وهدهد سليمان وكلام النملة وحمار عزيز وكذلك كل شيء أنطقه الله بقدرته وسخره لمعرفته ومشيئته وانما يمتنع البالغ من المعارف من قبل أمور تعرض الحوادث وأمور في أصل تركيب الغريرة فإذا كفاهم الله تلك الآفات وحصنهم من تلك المواضع ووفر عليهم الذكاء وجلب إليهم جياد الخواطر وصرف أوهامهم إلى التعرف وحبب إليهم التبين وقعت المعرفة وتمت النعمة والموانع قد تكون من قبل الأخلاط الأربعة على قدر القلة والكثرة والكثافة والرفة ومن ذلك ما يكون من جهة سوء العادة وإهمال النفس فعندها يستوحش من الفكرة ويستثقل النظر ومن ذلك ما يكون من الشواغل العارضة والقوى المتقسمة ومن ذلك ما يكون من خرق المعلم وقلة رفق المؤدب وسوء صبر المثقف فإذا صفي الله ذهنه ونقحه وهذبه وثقفه وفرغ باله وكفاه انتظار الخواطر وكان هو المقيد له والقائم عليه والمريد لهدايته لم يلبث ان يعلم وهذا صحيح في الأوهام غير مدفوع في العقول وقد جعل الله الخال أبا وقالوا الناس بأزمانهم أشبه منهم بآبائهم وقد رأينا اختلاف صور الحيوان على قدر اختلاف طبائع الأماكن وعلى قدر ذلك شاهدنا اللغات والاخلاق والشهوات ولذلك قالوا فلان ابن بجدتها وفلان بيضة البلد يقع ذما ويقع حمدا وقال زياد والله للكوفة أشبه

526

نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 526
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست