responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 278


مقتدرا » مع أن أمرا لم يكن منها في حبرة إلا أعقبته بعدها عبرة ولم يلق من سرائها بطنا إلا منحته من ضرائها ظهرا ولم تطله غيثة رجاء إلا اهطلت عليه مزنة بلاء وحرى إذا أصبحت له منتصرة ان تمسي له خاذلة متنكرة وان جانب منها اعذوذب واحلولي أمر عليه جانب واوبى وان أتت أمرا من غضارتها ورفاهتها نعما أرهقته من نوائبها نقما ولم يمس امرؤ منها في جناح أمن إلا أصبح منها على قوادم خوف غرور ما فيها فان ما عليها لا خير في شيء من زادها إلا التقوى من أقل منه استكثر مما يؤمنه ومن استكثر منها استكثر مما يوبقه ويطيل حزنه ويبكي عينيه كم واثق بها قد أفجعته وذي طمأنينة إليها قد صرعته وذي اختيال فيها قد خدعته وكم من ذي أبهة بها قد صيرته حقيرا وذي نخوة قد ردته ذليلا وكم من ذي تاج قد كبته لليدين والفم سلطانها دول وغيثها رنق وعذبها أجاج وحلوها صبر وغذاؤها سمام وأسبابها رمام وقطافها سلع حيها بعرض موت وصحيحها بعرض سقم ومنيعها بعرض اهتضام مليكها مسلوب وعزيزها مغلوب وسليمها منكوب وجامعها محروب مع ان وراء ذلك سكرات الموت وهول المطلع والوقوف بين يدي الحكم العدل « ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى » ألستم في مساكن من كان أطول منكم أعمارا وأوضح منكم آثارا واعد عديدا وأكثف جنودا وأعند عنودا تعبدوا للدنيا أي تعبد وآثروها أي إيثار وظعنوا عنها بالكره والصغار فهل بلغكم أن الدنيا سمحت لهم نفسا بفدية أو أغنت عنهم فيما قد أهلكتهم بخطب بل قد أرهقتهم بالفوادح وضعضعتهم بالنوائب وعقرتهم بالمصائب وقد رأيتم تنكرها لمن دان لها وأخلد إليها حين ظعنوا عنها لفراق الأبد إلى آخر المسند هل زودتهم إلا الشقاء وأحلتهم إلا الضنك أو نورت لهم إلا الظلمة أو أعقبتهم إلا الندامة أفهذه تؤثرون أم على هذه تحرصون أم إليها تطمئنون يقول الله « من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون » فبئست الدار لمن أقام فيها فاعلموا وأنتم تعلمون أنكم تاركوها لا بد فإنما

278

نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 278
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست