نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 219
وقد فسر سويد بن كراع العكلي ما قلنا في قوله : أبيت بأبواب القوافي كأنما * أصادي بها سربا من الوحش نزعا أكالئها حتى أعرس بعد ما * يكون سحير أو بعيد فأهجعا عواصي إلا ما جعلت امامها * عصا مربد تغشى نحورا وأذرعا أهبت بغر الآبدات وراجعت * طريقا أملته القصائد مهيعا بعيدة شأو لا يكاد يردها * لها طالب حتى يكل ويظلعا إذا خفت أن تردى علي رددتها * وراء التراقي خشية ان تطلعا وجشمها خوف ابن عفان ردها * فثقفتها حولا جريدا ومربعا وقد كان في نفسي عليها زيادة * فلم أر إلا أن أطيع وأسمعا وقال الحطيئة خير الشعر الحولي المحكك وكان الأصمعي يقول زهير بن أبي سلمى والحطيئة وأشباههما عبيد الشعر وكذلك كل من يجود في جميع شعره ويقف عند كل بيت قاله وأعاد فيه النظر حتى يخرج أبيات القصيدة كلها مستوية في الجودة وكان يقال لولا أن الشعر كان قد استعبدهم واستفرغ مجهودهم حتى أدخلهم في باب التكلف وأصحاب الصنعة ومن يلتمس قعر الكلام واغتصاب الالفاظ لذهبوا مذهب المطبوعين الذين تأتيهم المعاني سهلا ورهوا وتنثال عليهم الالفاظ انثيالا وانما الشعر المحمود كشعر النابغة الجعدي ورؤبة ولذلك قالوا في شعره مطرف بآلاف وخمار بواف وكان يخالف في جميع ذلك الرواة والشعراء وكان أبو عبيدة يقول ويحكي ذلك عن يونس ومن تكسب بشعره والتمس به صلات الاشراف والقادة وجوائز الملوك والسادة في قصائد السماطين وبالطوال التي تنشد يوم الحفل لم يجد بدا من صنيع زهير والحطيئة وأشباههما وإذا قالوا في غير ذلك أخذوا عفو الكلام وتركوا المجهود ولم ترهم مع ذلك يستعملون مثل تدبيرهم في طوال القصائد وفي صنعة طوال الخطب بل كان الكلام البائت عندهم كالمقتضب اقتدارا عليه وثقة بحسن عادة الله عندهم فيه وكانوا مع ذلك إذا احتاجوا إلى الرأي في معاظم التدبير ومهمات الأمور بيتوه في صدورهم وقيدوه على أنفسهم فإذا قومه الثقاف وادخل الكير
219
نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 219