نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 383
ويحمل أبويه عن الكفر لشدة محبتهما له فيتابعانه عليه ، ففي قتله مصلحة عظيمة تربو عل بقاء مهجته ، صيانة لأبويه عن الوقوع في الكفر وعقوبته ، دل ذلك على نبوته وانه مؤيد من الله بعصمته . وقد رأيت الشيخ أبا الفرج ابن الجوزي طرق هذا المسلك بعينه في الاحتجاج على نبوة الخضر وصححه . وحكى الاحتجاج عليه الرماني أيضا . الرابع : أنه لما فسر الخضر تأويل تلك الأفاعيل لموسى ، ووضح له عن حقيقة أمره وجلى ، قال بعد ذلك كله ( رحمة من ربك وما فعلته من أمري ) [ الكهف : 82 ] يعني ما فعلته من تلقاء نفسي ، بل [ أمر ] [1] بل أمرت به وأوحى إلي فيه . فدلت هذه الوجوه على نبوته . ولا ينافي ذلك حصول ولايته ، بل ولا رسالته كما قاله آخرون ، وأما كونه ملكا من الملائكة [ فقول ] [2] غريب جدا ، وإذا ثبتت نبوته كما ذكرناه لم يبق لمن قال بولايته وإن الولي قد يطلع على حقيقة الأمور دون أرباب الشرع الظاهر ، مستند يستندون إليه ، ولا معتمد يعتمدون عليه . وأما الخلاف في وجوده إلى زماننا هذا ، فالجمهور على أنه باق إلى اليوم . قيل لأنه دفن آدم بعد خروجهم من الطوفان فنالته دعوة أبيه آدم بطول الحياة . وقيل لأنه شرب من عين الحياة فحيى [3] . وذكروا أخبارا استشهدوا بها على بقائه إلى الآن وسنوردها [ مع غيرها ] [4] إن شاء الله تعالى وبه الثقة . وهذه وصيته لموسى حين ( قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئكم بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا ) [ الكهف : 78 ] روي في ذلك آثار منقطعة كثيرة . قال البيهقي : أنبأنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، وحدثنا أبو عبد الله الصفار ، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا جرير ، حدثني أبو عبد الله الملطي قال : لما أراد موسى أن يفارق الخضر ، قال له موسى : أوصني قال : كن نفاعا ولا تكن ضرارا . كن بشاشا ولا تكن غضبان . ارجع عن اللجاجة ولا تمش في غير حاجة . وفي رواية من طريق أخرى زيادة : ( ولا تضحك إلا من عجب ) . وقال وهب بن منبه : قال الخضر : يا موسى إن الناس معذبون في الدنيا على قدر همومهم بها ، وقال بشر بن الحارث الحافي : قال موسى للخضر : أوصني ، فقال : يسر الله عليك طاعته ، وقد ورد في ذلك حديث مرفوع رواه ابن عساكر من طريق زكريا بن يحيى الوقاد إلا أنه من الكذابين الكبار . قال قرئ على عبد الله بن وهب وأنا أسمع قال الثوري : قال مجالد : قال أبو الوداك : قال أبو سعيد الخدري ، قال عمر بن الخطاب ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال أخي موسى يا
[1] سقطت من نسخ البداية المطبوعة . [2] سقطت من نسخ المطبوعة . [3] تناول الرازي في التفسير موضوعة الخضر بتفاصيل واسعة ومسائل كثيرة . انظر ج 21 / 158 وما بعدها . [4] سقطت من نسخ البداية المطبوعة .
383
نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 383