responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 252


وعند أهل الكتاب أن يوسف باع أهل مصر وغيرهم من الطعام الذي كان تحت يده - بأموالهم كلها من الذهب والفضة والعقار والأثاث وما يملكونه كله حتى باعهم بأنفسهم فصاروا أرقاء * ثم أطلق لهم أرضهم وأعتق رقابهم على أن يعملوا ويكون خمس ما يشتغلون من زرعهم وثمارهم للملك فصارت سنة أهل مصر بعده [1] .
وحكى الثعلبي أنه كان لا يشبع في تلك السنين حتى لا ينسى الجيعان وأنه إنما كان يأكل أكلة واحدة نصف النهار قال فمن ثم اقتدى به الملوك في ذلك * قلت وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يشبع بطنه عام الرمادة [2] حتى ذهب الجدب وأتى الخصب .
وقال الشافعي قال رجل من الاعراب لعمر بعد ما ذهب عام الرمادة لقد انجلت عند وإنك لابن حرة . ثم لما رأى يوسف عليه السلام نعمته قد تمت وشمله قد اجتمع عرف أن هذه الدار لا يقربها قرار وأن كل شئ فيها ومن عليها فان . وما بعد التمام إلا النقصان فعند ذلك أثنى على ربه بما هو أهله واعترف له بعظيم إحسانه وفضله . وسأل منه - وهو خير المسؤولين - أن يتوفاه أي حين يتوفاه على الاسلام . وأن يلحقه بعباده الصالحين . وهكذا كما يقال في الدعاء " اللهم أحينا مسلمين وتوفنا مسلمين " أي حين تتوفانا . ويحتمل أنه سأل ذلك عند احتضاره عليه السلام كما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عند احتضاره أن يرفع روحه إلى الملأ الأعلى والرفقاء الصالحين من النبيين والمرسلين كما قال : " اللهم في الرفيق الاعلى " ثلاثا ثم قضى [3] .
ويحتمل أن يوسف عليه السلام سأل الوفاة على الاسلام منجزا في صحة بدنه وسلامته وأن ذلك كان سائغا في ملتهم وشرعتهم كما روي عن ابن عباس أنه قال : ما تمنى نبي قط الموت قبل يوسف . فأما في شريعتنا فقد نهى عن الدعاء بالموت إلا عند الفتن كما في حديث معاذ في الدعاء الذي رواه أحمد : " وإذا أردت بقوم فتنة فتوفنا إليك غير مفتونين " [4] وفي الحديث الآخر : " ابن آدم ، الموت خير لك من الفتنة " وقالت مريم عليها السلام ( يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ) [ مريم : 23 ] وتمنى الموت علي بن أبي طالب لما تفاقمت الأمور وعظمت الفتن واشتد



[1] هو ما كانوا يسمونه في مصر نظام المزارعة ، وقد بقي معمولا بعقود هذا النظام إلى وقت متأخر .
[2] عام الرمادة : لما صدر الناس عن الحج سنة ثماني عشرة أصاب الناس جهد شديد وأجدبت البلاد وأهلكت الماشية وجاع الناس وهلكوا . سمي ذلك العالم عام الرمادة لان الأرض كلها صارت سوداء فشبهت بالرماد وكانت تسعة أشهر . طبقات ابن سعد 3 / 310 .
[3] أخرجه البيهقي في الدلائل ج 7 / 208 عن عائشة ورواه البخاري في الصحيح عن بشر بن محمد بن مبارك ح 4435 في 64 كتاب المغازي 83 باب مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عائشة فتح الباري 8 / 136 .
[4] الحديث رواه الترمذي في سننه 48 / 39 / 3235 وقال : هذا الحديث حسن صحيح . ورواه أحمد في المسند 1 / 368 ، 4 / 66 ، 5 / 243 ، 5 / 427 .

252

نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 252
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست