responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 123


الوالد إذا بلغ ولده وعقل عنه كلامه وصاه فيما بينه وبينه أن لا يؤمن بنوح أبدا ما عاش ودائما ما بقي وكانت سجاياهم تأبى الايمان واتباع الحق ولهذا قال ( ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ) ولهذا قالوا ( قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين * قال إنما يأتيكم به الله ان شاء وما أنتم بمعجزين ) [ هود : 32 : 33 ] أي إنما يقدر على ذلك الله عز وجل فإنه الذي لا يعجزه شئ ولا يكترثه أمر بل هو الذي يقول للشئ كن فيكون ( ولا ينفعكم نصحي ان أردت أن أنصح لكم ان كان الله يريد ان يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون ) [ هود : 34 ] أي من يزد الله فتنته فلن يملك أحد هدايته هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء وهو الفعال لما يريد وهو العزيز الحكيم العليم بمن يستحق الهداية ومن يستحق الغواية . وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة ( وأوحى إلى نوح انه لن يؤمن من قومك الا من قد آمن ) [ هود : 36 ] تسلية له عما كان منهم إليه ( فلا تبتئس بما كانوا يفعلون ) وهذه تعزية لنوح عليه السلام في قومه أنه لن يؤمن منهم الا من قد آمن أي لا يسوأنك ما جرى فان النصر قريب والنبأ عجيب ( واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا انهم مغرقون ) [ هود : 37 ] وذلك أن نوحا عليه السلام لما يئس من صلاحهم وفلاحهم ورأى أنهم لا خير فيهم وتوصلوا إلى أذيته ومخالفته وتكذيبه بكل طريق من فعال ومقال دعا عليهم دعوة غضب فلبى الله دعوته وأجاب طلبته قال الله تعالى ( ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون . ونجيناه وقومه من الكرب العظيم ) [ الصافات : 75 ] . وقال تعالى ( ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم ) [ الأنبياء : 76 ] . وقال تعالى ( قال رب ان قومي كذبون فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين ) [ الشعراء : 117 ] وقال تعالى ( فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ) [ القمر : 10 ] وقال تعالى ( قال رب انصرني بما كذبون ) [ المؤمنون : 39 ] وقال تعالى ( مما خطيئاتهم أغرفوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا . وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا . انك ان تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا الا فاجرا كفار ) [ نوح : 25 - 27 ] فاجتمع عليهم خطاياهم من كفرهم وفجورهم ودعوة نبيهم عليهم فعند ذلك امره الله تعالى أن يصنع الفلك وهي السفينة العظيمة التي لم يكن لها نظير قبلها ولا يكون بعدها مثلها . وقدم الله تعالى إليه أنه إذا جاء أمره وحل بهم بأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين أنه لا يعاوده فيهم ولا يراجعه فإنه لعله قد تدركه رقة على قومه عند معاينة العذاب النازل بهم فإنه ليس الخبر كالمعاينة ولهذا قال ( ولا تخاطبني في الذين ظلموا انهم مغرقون ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملا من قومه سخروا منه ) [ هود : 38 ] أي يستهزئون به استبعادا لوقوع ما توعدهم به ( قال إن تسخروا منا فانا نسخر منكم كما تسخرون ) [ هود : 38 ] أي نحن الذين نسخر منكم ونتعجب منكم في استمراركم على كفركم وعنادكم الذي يقتضي وقوع العذاب بكم وحلوله عليكم ( فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم ) [ هود : 39 ] وقد

123

نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست