responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 122


لينا لعله يتذكر أو يخشى ) [ طه : 44 ] وقال تعالى ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) [ النحل : 125 ] وهذا منه يقول لهم ( أرأيتم ان كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده ) أي النبوة والرسالة [1] ( فعميت عليكم ) أي فلم تفهموها ولم تهتدوا إليها ( أنلزمكموها ) أي أنغضبكم بها ونجبركم عليها [2] ( وأنتم لها كارهون ) أي ليس لي فيكم حيلة والحالة هذه ( ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله ) أي لست أريد منكم أجرة على إبلاغي إياكم ما ينفعكم في دنياكم وأخراكم إن أطلب ذلك إلا من الله الذي ثوابه خير لي وأبقى مما تعطونني أنتم . وقوله ( وما أنا بطارد الذين آمنوا انهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون ) كأنهم طلبوا منه أن يبعد هؤلاء عنه ووعدوه أن يجتمعوا به إذا هو فعل ذلك فأبى عليهم ذلك وقال ( انهم ملاقوا ربهم ) أي فأخاف إن طردتهم أن يشكوني إلى الله عز وجل ولهذا قال ( ويا قوم من ينصرني من الله ان طردتهم أفلا تذكرون ) ولهذا لما سأل كفار قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرد عنه ضعفاء المؤمنين كعمار وصهيب وبلال وخباب وأشباههم نهاه الله عن ذلك كما بيناه في سورتي الانعام والكهف ( ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ) أي بل أنا عبد رسول لا أعلم من علم الله إلا ما أعلمني به ولا أقدر إلا على ما أقدرني عليه ولا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ( ولا أقول للذين تزدري أعينكم ) يعني من أتباعه ( لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم اني إذا لمن الظالمين ) [ هود : 31 ] أي لا أشهد عليهم بأنهم لا خير لهم عند الله يوم القيامة الله أعلم بهم وسيجازيهم على ما في نفوسهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر كما قالوا في المواضع الاخر ( أنؤمن لك واتبعك الأرذلون .
قال وما علمي بما كانوا يعملون . ان حسابهم إلا على ربي لو تشعرون . وما أنا بطارد المؤمنين ان أنا إلا نذير مبين ) [ الشعراء : 111 ] .
وقد تطاول الزمان والمجادلة [3] بينه وبينهم كما قال تعالى ( فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون ) [ العنكبوت : 14 ] أي ومع هذه المدة الطويلة فما آمن به إلا القليل منهم وكان كل ما انقرض جبل وصوا من بعدهم بعدم الايمان به ومحاربته ومخالفته * وكان



[1] وقيل الهداية إلى الله بالبراهين ، وقيل بالايمان والاسلام . وقال الرازي في تفسيره الكبير : المراد بتلك الرحمة : إما النبوة ، وإما المعجزة الدالة على النبوة . ج 17 / 213 .
[2] جاء في أحكام القرطبي : قيل شهادة أن لا إله إلا الله وقيل الهاء ترجع إلى الرحمة ، وقيل إلى البينة ، أي أنلزمكم قبولها ؟ وهو استفهام بمعنى الانكار ، أي لا يمكنني أن اضطركم إلى المعرفة بها ; وقصد نوح بهذا القول أن يرد عليهم . ج 9 / 25 - 26 .
[3] الجدل في كلام العرب المبالغة في الخصومة . قال في أحكام القرآن : والجدل في الدين محمود ، ولهذا جادل نوح والأنبياء قومهم حتى يظهر الحق ; فمن قبله الحج وأفلح ، ومن رده خاب . وأما الجدال لغير الحق حتى يظهر الباطل في صورة الحق فمذموم . 9 / 28 .

122

نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 122
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست