نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 96
عليك النفقة ، وتكر منه ؛ وإنك لتغالي [1] بالخبّاز والطبّاخ والشواء والخباص ، ثم أنت مع هذا كله لا تشهده عدوّا لتغمّه [2] ، ولا وليّا فتسرّه ، ولا جاهلا لتعرّفه ، ولا زائرا لتعظَّمه ، ولا شاكرا لتثبّته . وأنت تعلم حين يتنحّى من بين يديك ، ويغيب عن عينيك . فقد صار نهبا مقسما ، ومتوزعا مستهلكا . فلو أحضرته من ينفع شكره ، ويبقى شكره ، ويبقى على الأيام ذكره ، ومن يمتعك بالحديث والإستماع ، ومن يمتدّ به الأكل ، ويقصر به الدهر ، لكان ذلك أولى بك ، وأشبه بالذي قدّمته يدك . وبعد ، فلم تبيح مصون الطعام لمن لا يحمدك ، ومن ان حمدك لم يحسن أن يحمدك ، ومن لا يفصل بن الشهيّ القديّ ، وبين الغليظ الزهم [3] ؟ قال : يمنعني من ذلك ما قال أبو الفاتك . قالوا : ومن أبو الفاتك ؟ قال : قاضي الفتيان [4] . وإني لم آكل مع أحد ، قطَّ ألا رأيت منه بعض ما ذمّه ، وبعض ما شنّعه وقبّحه . فشيء يقبح بالشطَّار ، فما ظنك به إذا كان في أصحاب المروءات ، وأهل البيوتات ؟ قالوا : فما قال أبو الفاتك . قال : قال أبو الفاتك : الفتى لا يكون نشّالا ، ولا نشّافا ، ولا مرسالا ، ولا لكَّاما ، ولا مصّاصا ، ولا نقّاضا ، ولا دلَّاكا ، ولا مقوّرا ، ولا مغربلا ، ولا محلقما ، ولا مسوّغا ولا ملغّما ، ولا مخضّرا . فكيف لو رأى أبو الفاتك اللطَّاع ، والقطَّاع ، والنهّاش ، والمدّاد ، والدفّاع ، والمحوّل [5] ؟
[1] تغالي : تبالغ ، تعظم ، تكثر . [2] تغمّه : تجعله حزينا . [3] الزهم : الكريه الرائحة . [4] قاضي الفتيان : رئيس اللصوص هنا . [5] سيأتي تفسير هذه الاسماء في ما بعد .
96
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 96