responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 88


وأسمج [1] الجهل بالحكيم . ما ظننت أن إهمال النفس ، وسوء السياسة ، بلغ بك ما أرى . قلت : وأيّ شيء أنكرت منا مذ اليوم ، وما كان هذا قولك فينا بالأمس ؟ فقال : لبسك هذا الكساء قبل أوانه . قلت : قد حدث من البرد بمقداره . ولو كان هذا البرد الحادث في تموز وآب ، لكان إبّانا [2] لهذا الكساء . قال : إن كان ذلك كذلك ، فاجعل ، بدل هذه المبطَّنة ، جبّة محشوّة ، فإنها تقوم هذا المقام ، وتكون قد خرجت من الخطأ . فأما لبس الصوف اليوم ، فهو غير جائز . قلت : ولم ؟ قال : لأن غبار آخر الصيف يتداخله ويسكن في خلله ، فإذا أمطر الناس ، وندي الهواء وابتلّ كل شيء ، ابتلّ ذلك الغبار . وإنما الغبار تراب ، إلا أنه لباب التراب . وهو مالح ، وينقبض عند ذلك عليه الكساء ويتكرّش ، لأنه صوف ، فتنضم أجزاؤه عليه . فيأكله أكل القادح [3] ، ويعمل فيه عمل السوس ، ولهو أسرع فيه من الأرضة [4] في الجذوع النجرانية .
ولكن أخّر لبسه ، حتى إذا مطر الناس ، وسكن الغبار ، وتلبّد التراب ، وحط المطر ما كان في الهواء من الغبار ، وغسله ، وصفّاه ، فألبسه حينئذ ، على بركة اللَّه .
وكان يقع إلى عياله بالكوفة ، كل سنة مرة ، فيشتري لهم من الحب مقدار طبيخهم ، وقوت سنتهم . فإذا نظر الى حب هذا ، وإلى حبّ هذا ، وقام على سعره ، اكتال من كل واحد منها كيلة معلومة ، بالميزان ، واشترى أثقلها وزنا . وكان لا يختار على البلدي والموصلَّي شيئا ، إلا أن يتقارب السعر . وكان على كل حال يفرّ من الميساني ، إلا أنّ يضطرّ اليه .
ويقول : هو ناعم ضعيف ، ونار المعدة شيطان ، فإنما ينبغي لنا أن نطعم



[1] أسمج : أثقل : اقبح .
[2] إبّانا : موعدا ، حينا ، زمانا .
[3] القادح : مرض أو سواد يقع في الشجر والأسنان .
[4] الأرضة : دويبة تقرض الاخشاب .

88

نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 88
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست