responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 86


ولقد رأيت رجلا ضخما ، فخم اللفظ ، فخم المعاني ، تربية في ظل ملك ، مع علم جم ولسان عضب [1] ، ومعرفة بالغامض من العيوب ، والدقيق من المحاسن ، مع شدّة تسرّع الى أعراض الناس ، وضيق صدر بما يعرف من عيوبهم ، وأن ثريدته لبلقاء [2] ، إلا أن بياضها ناصع ، ولونها الآخر أصهب [3] . فرأيت ذلك مرّة أو مرّتين . وكنت قد هممت قبل ذلك ، أن أعاتبه على الشيء يستأثر به [4] ، ويخص به ، وإن احتمل ثقل تلك النصيحة ، وبشاعتها في حظَّه ، وفي النظر له . ورأيت أن ذلك لا يكون إلا من حاقّ الإخلاص [5] ، ومن فرط الإخاء بين الأخوان .
فلما رأيت البلقة [6] ، هان عليّ التحجيل والغرّة [7] . ورأيت أن ترك الكلام أفضل ، وأن الموعظة لغو [8] .
وقد زعم أبو الحسن المدائني أن ثريدة مالك بن المنذر كانت بلقاء .
ولعل ذلك أن يكون باطلا ؛ وأما أنا فقد رأيت بعيني من هذا الرجل ما أخبرك به . وهو شيء لم أره إلا فيه ، ولا سمعت به في غيره .
ولسنا من تسمية الأصحاب المتهتكين ، ولا في غيرهم من المستورين ، في شيء . أما الصاحب ، فإنّا لا نسميه لحرمته ، وواجب حقه ، والآخر لا نسمّيه لستر اللَّه عليه ، ولما يجب لمن كان في مثل حاله ، وإنما نسمّي من خرج من هاتين الحالين ، ولربما سميّنا الصاحب إذا كان



[1] لسان عضب : لسان حاد قاطع .
[2] ثريدته البلقاء : اكلة فيها السواد والبياض .
[3] أصهب : يميل بياضه إلى الحمرة .
[4] يستأثر : يحتفظ به ويختص .
[5] حاق الاخلاص : من كمال الوفاء .
[6] البلقة : السواد والبياض .
[7] التحجيل والغرّة : البياض في قوائم الفرس والغرّة : بياض في جبهته ولعله يعني شكله الخارجي ومضمون الباطني .
[8] لغو : ما لا يعتد به ، ولا يلتفت إليه من كلام .

86

نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 86
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست