نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 85
العلم ، فاشي الغلَّة ، عظيم الولايات ، إنه إذا دعي على مائدته بفضل دجاجة ، أو بفضل رقاق ، أو غير ذلك ، ردّ الخادم مع الخبّاز الى القهرمان [1] ، حتى يصكّ [2] له بذلك الى صاحب المطبخ . ولقد رأيته ، وقد تناول دجاجة ، فشقّها نصفين ، فألقى نصفها إلى الذي عن يمينه ، ونصفها الى الذي عن شماله . ثم قال : يا غلام جئني بواحدة رخصة ، فإن هذه كانت عضلة [3] جدا . فحسبت أن أقلّ ما عند الرجلين ألا يعود الى مائدته أبدا . فوجدتهما قد فخرا عليّ بما حباهما به ، من ذلك ، دوني . وكانوا ربما خصّوه ، فوضعوا بين يديه الدرّاجة [4] السمينة ، والدجاجة الرخصة . فانطفأت الشمعة في ليلة ، من تلك الليالي ، فأغار عليّ الأسواري [5] على بعض ما بين يديه ، واغتنم الظلمة ، وعمل على أن الليل أخفى للويل . ففطن له ، وما هو بالفطن إلا في هذا الباب ، وقال : كذلك الملوك ، كانت لا تأكل مع السوقة . وحدثني أحمد بن المثنى أنهم كانوا يعمدون إلى الجرادق [6] التي ترفع عن مائدته ، فما كان منها ملطخا دلك ذلك دلكا شديدا ، وما كان منها قد ذهب جانب منه ، قطع بسكين من ترابيع الرغيف مثل ذلك ، لئلا يشكّ من رآه أنهم قد تعمّلوا ذلك ، وما كان من الأنصاف والأرباع ، جعل بعضه للثريد [7] ، وقطع بعضه كالأصابع ، وجعل مع بعض القلايا .
[1] القهرمان : الوكيل . [2] حتى يصك : حتى يسمح له بالطعام اي كتب صكا بذلك . [3] عضلة : ذات عصبة . [4] الدّرّاجة : طائر كالحجل . [5] علي الأسواري : مّمن يصطنع القصص . [6] الجرادق : الواحدة جردقة ، وهو الرغيف الغليظ . سبق شرحها . [7] الثريد : ضرب من المأكولات التي تضم الخبز وسواه .
85
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 85