نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 72
فد بلغ في البخل والتكدية ، وفي كثرة المال ، المبالغ التي لم يبلغها أحد ؛ وكان ينزل في شقّ بني تميم [1] ، فلم يعرفوه . فوقف عليه ذات يوم سائل ، وهو في مجلس من مجالسهم ، فأدخل يده في الكيس ليخرج فلسا ؛ وفلوس البصرة كبار ، فغلط بدرهم بغلي [2] ، فلم يفطن حتى وضعه في يد السائل . فلما فطن استردّه ، وأعطاه الفلس . فقيل له : هذا لا نظنه يحل ، وهو بعد بمثلك قبيح . قال : قبيح عندكم وأما أنا فإني لم أجمع هذا المال بعقولكم ، فأفرّقه بعقولكم . ليس هذا من مساكين الدراهم ، هذا من مساكين الفلوس . واللَّه ما أعرفه إلا بالفراسة [3] . قالوا : وإنك لتعرف المكدّين ؟ قال : وكيف لا أعرفهم ؟ وأنا كنت كاجار [4] في حداثة سنّي . ثم لم يبق في الأرض مخطراني [5] ، ولا مستعرض أقفية [6] ، ولا شحّاذ ولا كاغاني ولا بانوان ، ولا قرسي ولا عوّاء ، ولا مشعب ، ولا فلور ، ولا مزيدي ولا إسطبل إلا وكان تحت يدي . ولقد أكلت الزكوري ثلاثين سنة ؛ ولم يبق في الأرض كعبيّ ولا مكدّ ، إلا وقد أخذت العرافة عليه ، حتى خضع إلى إسحق قتال الحر [7] ، وبنجويه شعر الجمل ، وعمرو القوقيل ، وجعفر كردي كلك ، وقرن أيره ، وحمّويه عين الفيل ، وشهرام حمار أيوب ، وسعدويه نائك أمه [8] . وإنما أراد بهذا أن يؤسهم من ماله ، حين عرف حرصهم
[1] في شق بني تميم : في حي أو ناحية [2] ضرب من النقود تسمى « البغلية » . [3] الفراسة : علم اشتهر به العرب ، وهو إداراك الباطن من نظر الظاهر . [4] كاجار : كانت تستعمل للدلالة على بعض القبائل التركية . ولعل المعنى يدل على انه كان متسولا نوريا . [5] المخطراني : هو الذي يتسول متنكرا للحصول على المال وسواه . [6] مستعرض اقفية : يستعرض اقفية الناس . [7] اسحق قتال الحر : احد زعماء المكدين . [8] كل هذه الاسماء التي عرضها الحاجظ هي من المتسولين الذين سيتحدث عنهم .
72
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 72