نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 68
البركة كثيرة الفوائد ، وهي تنوب عن الغداء ، ولها نفخة تغني عن العشاء . وكل شيء من الإحساء فهو يغني عن طلب النبيذ وشرب الماء . ومن تحسّى الحار عرق ، والعرق ينفض [1] الجلد ويخرج ضرّ الجوف [2] . وهي تملأ النفس وتمنع من التشهّي . وهي أيضا تدفيء ، فيقوم ذلك في أجوافهم مقام فحم الكانون من خارج . وحسو الحار يغني عن الوقود ، وعن لبس الحشو . والوقود يسوّد كل شيء وينتّنه . وهو سريع في الهضم ، وصاحبه بعرض حريق ، ويذهب في ثمنه المال العظيم . وشرّ شيء فيه أن من تعوّده لم يدفئه شيء سواه . فعليك يا أبا عثمان بالمثلثّة ، واعلم أنها لا تكون إلا في منازل المشيخة ، وأصحاب التجربة . فخذها من حكيم مجرّب ومن ناصح مشفق . وكان لا يفارق منازل إخوانه ، وإخوانه مخاصيب متاريب [3] ، أصحاب نفح [4] وترف ، وكانوا يتحفونه [5] ويدلَّلونه ، ويفكهّونه ويحكمونه ، ولم يشكَّوا أنه سيدعوهم مرّة ، وأن يجعلوا بيته نزهة ونشوة فلما طال تغافله ، وطالت مدافعته ، وعرّضوا له بذلك فتغافل ، وصرّحوا له . فلمّا امتنع قالوا : اجعلها دعوة ليس لها أخت . فلمّا بلغ منه ومنهم المجهود ، اتخذ لهم طعيما خفيفا ، شهيا مليحا ، لا ثمن له ، ولا مؤونة فيه . فلما أكلوا وغسلوا أيديهم أقبل عليهم فقال : أسألكم بالذي لا شيء أعظم منه ، أنا الساعة أيسر وأغنى أو قبل أن تأكلوا طعامي ؟ قالوا : ما نشكّ أنك ، حين كنت والطعام في ملكك ، أغنى وأيسر . قال : فأنا الساعة أقرب الى الفقر ، أم تلك الساعة ؟ قالوا : بل أنت الساعة أقرب الى الفقر . قال : فمن يلومني على دعوة قوم قرّبوني من الفقر ،
[1] نفيض : يزيل . [2] ضرّ الجوف : ما فيه من ضرر . [3] متاريب : كثير والمال . [4] اصحاب نفح : اصحاب ترف وعطاء . [5] يتحفونه : يهتمون به ، ويهدون اليه .
68
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 68