نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 66
عنده في أدنى بيت أو في دهليزه ، ولم ألزمه من مؤنتي [1] شيئا ، حتى إذا انصدع عمود الصبح [2] خرجت في أوائل المدلجين [3] » . فدقّ عليه الباب دقّ واثق ، ودقّ مدلّ ، ودقّ من يخاف أن يدركه العسس أو أحد يتبعه ، وفي قلبه من الخوف ما يزيد عن الكفاية . فلم يشك أبو مازن أنه دق صاحب هديّة ، فنزل سريعا . فلما فتح الباب ، ونظر لجبل ، أبصر الموت . فلما رآه جبل واجما [4] لا يحير كلمة ، قال له : « إني خفت معرّة العسس وخوف أحد يضرني أو يتبعني ، فملت إليك لأبيت عندك . فتساكر أبو مازن ، وأراه أن وجومه إنما كان بسبب السكر . ففتح فاه ، وحرّك لسانه ، وقال : « سكران واللَّه ، أنا واللَّه سكران » . قال له جبل : « كن كيف شئت . نحن في أيام الربيع ، لا شتاء ولا صيف ، ولست أحتاج إلى سطح فأغمّ عيالك بالحر ، ولست أحتاج إلى لحاف فأكلفك أن تؤثرني بالدثار [5] . وأنا كما ترى ثمل [6] من الشراب ، شبعان من الطعام ، ومن منزل فلان خرجت ، وهو أخصب الناس رحلا . وإنما أريد أن تدعني أغفي في دهليزك إغفاءة واحدة ، ثم أقوم في أوائل المبكرين » . قال أبو مازن ( وأرخى عينيه وفكيه ولسانه ) ثم قال : « سكران ، واللَّه ، أنا سكران ، لا واللَّه ما أعقل أين أنا ، واللَّه ما أفهم ما تقول » . ثم أغلق الباب في وجهه ، ودخل ، لا يشكّ أن عذره قد وضح ، وأنه قد ألطف النظر حتى وقع على هذه الحيلة .
[1] مؤنتي : كلفتي . [2] إذا طلع الصباح . [3] المدلجين : مفردها مدلج ، وهو السائر ليلا . [4] واجما : ساكتا لا يتحرك ولا ينطق . [5] الدثار : اللحاف ، او كل ما يتغطى به النائم . [6] ثمل : سكران .
66
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 66