نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 48
فشهر بذلك في تلك الناحية ، وقيل له : « قد أعفينا من السلام ، ومن تكلف الرد » . قال : « ما بي الى ذلك حاجة ، إنما هو أن أعفي أنا نفسي من » هلَّم « وقد استقام الأمر » . كذب بكذب : ومثل هذا الحديث ما حدثني به محمد بن يسير [1] عن وال كان بفارس ، إما أن يكون خالدا خومهرويه ، أو غيره ، قال : بينا هو يوما في مجلس ، وهو مشغول بحسنابه وأمره ، وقد احتجب بجهده ، إذ نجم [2] شاعر من بين يديه ، فأنشده شعرا مدحه فيه ، وقرّظه [3] ، ومجّده . فلمّا فرغ قال : « قد أحسنت » . ثم أقبل على كاتبه فقال : أعطه عشرة آلاف درهم » . ففرح الشاعر فرحا شديدا ؛ فلما رأى حاله قال : « وإني لأرى هذا القول قد وقع منك هذا الموقع ؟ اجعلها ألف درهم » . فكاد الشاعر يخرج من جلده ، فلما رأى فرحه قد تضاعف ، قال : « وإن فرحك ليتضاعف على قدر تضاعف القول ؟ أعطه يا فلان أربعين ألفا » . فكاد الفرح يقتله . فلما رجعت إليه نفسه قال له : « أنت ، جعلت فداك ، رجل كريم ؛ وأنا أعلم أنك كلما رأيتني قد ازددت فرحا ، زدتني في الجائزة ، وقبول هذا منك لا يكون إلا من قلة الشكر » . ثم دعا له وخرج . قال : فأقبل عليه كاتبه فقال : « سبحان اللَّه ! هذا كان يرضى منك بأربعين درهما تأمر له بأربعين ألف درهم » ؟ قال : « ويلك ! وتريد أن تعطيه شيئا » ؟ قال : « ولم امرت له بذلك » ؟ قال : « يا أحمق ، إنما هذا
[1] محمد بن يسير : أحد شعراء البصرة وقتذاك . [2] نجم : سطع . [3] قرّظة مدحه وأثنى عليه .
48
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 48