نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 47
هذا مرّة . فإن وجد قيّم [1] ذلك البستان رمى إليه بدرهم ، ثم قال : اشتر لي بهذا ، أو أعطني بهذا ، رطبا ، ( إن كان في زمان الرطب ) ، أو عنبا ( إن كان في زمان العنب ) ويقول له : إياك إياك أن تحابيني [2] ، ولكن تجوّد لي ، فإنّك إن فعلت لم آكله ، ولم أعد إليك . واحذر الغبن فان المغبون لا محمود ولا مأجور « فإن أتاه به أكل كل شيء معه ، وكل شيء أتي به ، ثم تخلَّل ، وغسل يديه ، ثم تمشّى مقدار مائة خطوة . ثم يضع جنبه ، فينام الى وقت الجمعة . ثم ينتبه فيغتسل ، ويمصي الى المسجد . هذا كان دأبه كل جمعة ! ! قال إبراهيم : فبينا هو يوما من أيامه يأكل في بعض المواضع ، إذ مر به رجل فسلَّم عليه ، فردّ السلام ؛ ثم قال : « هلَّم عافاك اللَّه » . فلما نظر الى الرجل وقد انثنى راجعا ، يريد أن يطفر الجدول أو يعبر النهر ، قال له : « مكانك ، فإنّ العجلة من عمل الشيطان » . فوقف الرجل ، فأقبل عليه الخراساني وقال : « تريد ماذا » ؟ قال : « أريد أن أتغدّى » . قال : « ولم ذاك ؟ وكيف طمعت في هذا ؟ ومن أباح لك مالي » ؟ قال الرجل : « أوليس قد دعوتني » ؟ قال : « ويلك ، لو ظننت أنك هكذا أحمق ، ما رددت عليك السلام . ايحسن فيما نحن فيه أن تكون ، إذا كنت أنا الجالس وأنت المار ، أن تبدأ أنت فتسلم ، فأقول أنا حينئذ ، مجيبا لك : « وعليكم السلام » . فإن كنت لا آكلا شيئا ، سكتّ أنا ، وسكتّ أنت ، ومضيت أنت ، وقعدت أنا على حالي . وإن كنت آكل فههنا وجه آخر ، وهو إن أبدأ أنا ، فأقول : « هلَّم « ، وتجيب أنت فتقول : « هنيئا » . فيكون كلام بكلام ، فأما كلام بفعال ، وقول بأكل ، فهذا ليس من الإنصاف ، وهذا يخرج علينا فضلا كبيرا . قال : فورد على الرجل شيء لم يكن في حسابه .