نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 40
ستجده مباركا . إنما كان ينبغي أن أكون أجده أنا ، لا أنت . وقال خاقان بن صبيح [1] : « دخلت على رجل من أهل خراسان ليلا ، وإذا هو قد أتانا بمسرجة [2] ، فيها فتيلة في غاية الدقّة ، وإذا هو قد ألقى في دهن المسرجة شيئا من ملح [3] ، وقد علَّق على عمود المنارة عودا بخيط ، وقد حزّ فيه حتى صار فيه مكان للرّباط . فكان المصباح ، إذا كاد ينطفىء أشخص [4] رأس الفتيلة بذلك » . قال : « فقلت له : ما بال العود مربوطا » ؟ قال : « هذا عود قد تشرّب الدهن ، فإن ضاع ولم يحفظ احتجنا إلى واحد عطشان ، فإذا كان هذا دأبنا [5] ودأبه ، ضاع من دهننا في الشهر بقدر كفاية ليلة » . قال : « فبينا أنا أتعجبّ في نفسي ، وأسأل اللَّه جلّ وذكره العافية والستر ، إذ دخل شيخ من أهل مرو ، فنظر الى العود فقال : « يا أبا فلان فررت من شيء ووقعت في شيء . أما تعلم أن الريح والشمس تأخذوان من سائر الأشياء ؟ أو ليس قد كان البارحة عند إطفاء السراج أروى [6] ، وهو عند إسراجك الليلة أعطش [7] ؟ قد كنت أنا جاهلا مثلك حتى وفّقني اللَّه إلى ما هو أرشد ! اربط ، عافاك اللَّه ، بدل العود إبرة أو مسلة صغيرة . وعلى أن العود والخلال [8] والقصبة ربما تعلَّقت بها الشعرة من قطن الفتيلة إذا سوّيناها بها فيشخص لها . وربما كان ذلك سببا لا نطفاء السراج . والحديد أملس ، وهو مع ذلك غير نشاف » . قال خاقان : « ففي تلك الليلة عرفت فضل اهل خراسان
[1] خاقان بن صبيح : من جلساء الجاحظ ومحدثيه . [2] مسرجة : إناء فيه زيت وفتيل يستعمل للإنارة . [3] ملح : وضع في الدهن ملحا ليخفف مصروف الزيت . [4] أشخص : رفع . [5] دأبنا : عادتنا وشأننا . [6] أروى : اكثر ارتواء . [7] يستدل على أن العقل والارشاد في مفهومهم ، هو التفنن في دروب التوفير . [8] الخلال : عود دقيق تخلل به الاسنان .
40
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 40