نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 270
الحوائج تقتصّ [1] ، فمن سألته اليوم أن يعطيك ، سألني غدا أن أعطي غيرك ، فتعجيلي تلك العطية لك أروح لي . ليس عندي دراهم ، ولو كان عندي دراهم لكانت نوائبي القائمة الساعة تستغرقها . ولكني أؤنب لكم من شئتم عليّ لكم من التأنيب كل ما تريدون » . قلت له : « فإذا أنّبت رجلا في أمر لم تتقدم فيه بمسألة ، كيف يكون جوابه لك » ؟ فضحك حتى استند الى الحائط . وجاء مرّة أبو همام السنّوط ، يكلمه في مرمّة داره التي تطوّع ببنائها في رباط عبّادان [2] ، فقال : « ذكَّرتني الطعن وكنت ناسيا . قد كنت عزمت على هدمها حين بلغني أن الجبرية [3] قد نزلتها » ، قال : « سبحان اللَّه تهدم مكرمة ودارا قد وقفتها للسبيل [4] » ؟ قال : « فتعجب من ذا ؟ قد أردت أن أهدم المسجد الذي كنت قد بنيته ليزيد بن هاشم حين ترك أن يبنيه في الشارع ، وبناه في الرائغ [5] ، وحين بلغني أنه يخلط في الكلام ، ويعين الشمرية [6] على المعتزلة . فلو أراده أبو همّام وجد من ثمامة مربدا [7] جميع مساحة الأرض » . وكان حين يستوي له اللفظ لا ينظر في صلاح المعاني من فسادها . وتمشّى رجل الى الغاضري قال : « إن صديقك القادمي قد قطع عليه الطريق » ، قال : « فأيّ شيء تريد » ؟ قال : « أن تخلف عليه [8] ، قال :
[1] تقتص : اي تأخذ منه كقصاص . [2] رباط عبادان : ما يحيط بعبادان من الفقراء . وعبادان : جزيرة تحيط بها دجلة . [3] الجبرية : مذهب فكري يقول بأن الانسان مجبر على عمله . وينسب إلى الحسين بن محمد النجار البصري . [4] اي للَّه . [5] الرائغ : في ناحية من الشارع . [6] الشمرية : نسبة الى شمر احد متكلمي المرجئة . ووردت في نسخة اخرى « البشرية » وهي طائفة من المعتزلة ينسبون الى بشر بن المعتمر البغدادي . [7] المربد : محبس الإبل وغيرها . [8] أن تعوّض عليه .
270
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 270