نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 269
والرمال . ولو استطعت أن أجعل دونه ردما [1] كردم يأجوج ومأجوج [2] لفعلت . إن الناس فاغرة أفواههم نحو من عنده دراهم ، فليس يمنعهم من النهس [3] إلا اليأس ، وإن طمعوا لم تبق راغية ولا ثاغية ، ولا سبد ولا لبد [4] ، ولا صامت ولا ناطق [5] ، إلا ابتلعوه والتهموه . أتدري ما تريد بشيخك ؟ إنما تريد أن تفقره . فإذا أفقرته فقد قتلته . وقد تعلم ما جاء في قتل النفس المؤمنة . فلم أشبّه قول الأصمعي لهذا الرجل حين قال : « أضن بك ، وأشحّ على نصيبي منك ، من أن أعرّضه للفساد » ، إلا بقول ثمامة حين قال لا بن سافري : « يا عاضّ بظر أمه . بالنظر مني أقول لك ، وبالشفقة منّي أسبك » . وذلك أنه ندم حين أعضّه ، فرأى أن هذا القول يجعل ذلك منه يدا ونعمة . وشهدت ثمامة ، وأتاه رجلان قال أحدهما : « لي إليك حاجة » . فقال ثمامة : « ولي إليك أيضا حاجة » ، قال : « وما حاجتك » ؟ قال : لست أذكرها لك حتى تضمن لي قضاءها « ، قال : « قد فعلت « ، قال : « فحاجتي ألَّا تسألني هذه الحاجة « ، قال : « إنك لا تدري ما هي » . قال : بلى قد دريت » ، قال : « فما هي » ؟ قال : « هي حاجة . ليس يكون الشيء حاجة إلا وهي تحوج إلى شيء من الكلفة » ، قال : « فقد رجعت عما أعطيتك » . قال : « لكنّي لا أردّ ما أخذت » . فأقبل عليه الآخر ، فقال : « لي حاجة الى منصور بن النعمان » ، قال : « قل : لي حاجة إلى ثمامة بن أشرس . لأني أنا الذي أقضي لك الحاجة ، ومنصور يقضيها لي . فالحاجة أنا أقضيها لك وغيري يقضيها لي » ، ثم قال : « فأنا لا أتكلم في الولايات ولا أتكلم في الدراهم من قلوب الناس ولأن