نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 246
« ربّ أكلة تمنع أكلات . وربّ عجلة تهب ريثا [1] » ، وعابوا من قال : « أكلة وموتة » ، وقالوا : « لا تطلب أثرا بعد عين » . وقالوا : « لا تكن كمن تغلبه نفسه على ما يظن ، ولا يغلبها على ما يستيقن » . فانظر كيف تخرج الدرهم ، ولم تخرجه . وقالوا : « شرّ من المرزئة [2] سوء الخلف » . وقال الشاعر : < شعر > إن يكن ما به أصبت جليلا فذهاب العزاء فيه أجلّ < / شعر > ولأن تفتقر بجائحة [3] نازلة خير لك من أن تفتقر بجناية مكتسبة . ومن كان سببا لذهاب وفره ، لم تعدمه الحسرة من نفسه واللائمة من غيره ، وقلة الرحمة وكثرة الشماتة ، مع الإثم الموبق [4] والهوان على الصاحب . وذكر عمر بن الخطاب فتيان قريش وسرفهم في الإنفاق ، ومسابقتهم في التبذير ، فقال : « لحرفة أحدهم أشدّ عليّ من عيلته [5] » . يقول : إن إغناء الفقير أهون عليّ من إصلاح الفاسد . ولا تكن على نفسك أشأم من خوتعة [6] ، وعلى أهلك أشأم من البسوس [7] ، وعلى قومك أشأم من عطر منشم [8] . ومن سلَّط الشهوات على ماله ، وحكم الهوى في ذات يده ، فبقي حسيرا ، فلا يلومنّ إلا نفسه . وطوبى لك يوم تقدر على قدم تنتفع به . وقال بعض الشعراء :
[1] الرّيث : البطء . [2] المرزئة : النقص من الأموال . تقدم ذكرها . [3] الجائحة : الآفة . [4] الموبق : المهلك . [5] عيلته : حاجته ، فقره . [6] خوتعة : ختع . رجل من بني غفلة . ( القاموس ) . [7] البسوس : هي بنت منقذ التميمة ، خالة جسّاس بن مرة قاتل كلب . وأضحت البسوس حربا دامية بين بكر وتغلب . [8] منشم : إسم امرأة كانت تبيع العطر في الجاهلية ، فكانوا يتطيبون بعطورها فتتكاثر القتلى ، ولذلك ضرب بها المثل : أشأم من عطر منشم .
246
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 246