نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 245
أظهر لأعدائك من مقاتلهم . وقالوا : « الفرار بقراب أكيس » ، وقال أبو الأسود : « ليس من العز أن تتعرّض للذلّ ، ولا من الكرم أن تستدعي اللؤم » . ومن أخرج ماله من يده افتقر ، ومن افتقر فلا بدّ له أن يضرع ، والضرع [1] لؤم . وإن كان الجود شقيق الكرم ، فالأنفة أولى بالكرم . وقد قال الأول : « اللهم لا تثر لي ماء سوء فأكون أمرأ سوء » . وقد قال الشاعر : < شعر > واخط مع الدهر إذا ما خطا واجر مع الدهر كما يجري < / شعر > وقد قال الآخر : < شعر > يا ليت لي نعلين من جلد الضبع كل الحذاء يحتذي الحافي الوقع [2] < / شعر > وقد صدق قول القائل : « من احتاج اغتفر ، ومن اقتضى تجوّز [3] » ، وقيل لديسموس [4] : « تأكل في السوق » ؟ قال : « إن جاع ديسموس في السوق أكل في السوق » ، وقال : « من أجدب انتجع ، ومن جاع خشع » ، وقال : « احذروا نفار النعمة فإنها نوار . وليس كل شارد بمردود ، ولا كل نادّ بمصرود [5] » وقال عليّ بن أبي طالب : « قلّ ما ادبر [6] شيء فاقبل » . وقالوا :
[1] الضرع : الذل . [2] وجاء هذا البيت في نسخة اخرى كما يلي : < شعر > يا ليت لي نعلين من جلد الضبع وشركا من ثغرها لا تنقطع < / شعر > كل الحذاء يحتذي الحافي الوقع الوقع : الحافي . [3] اقتضى حقه : أخذه تجوّز : يجوز . إن صاحب الحق يعفو ولا يقسو . [4] ديسموس : اوريسموس . ذكر له الجاحظ في الجزء الثاني من البيان والتبيين عدة اخبار وطرائف . [5] النادّ : الذاهب الشارد والمصرود : الضعيف ولقد تبين لنا في نسخة اخرى ورود كلمة « مصروف » عوضا عن « مصرود » ومصروف تعني المردود عن شروده ، فتكون هي الأوفى للمعنى والأرجح للمقام . [6] أدبر : ولَّى .
245
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 245