نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 232
البهائم ، وأحببت أن تجمع مع تمام نفس المثري ، ومع عزّ الغنى وسرور القدرة ، فطنة المخفّ ، وخواطر المقل ، ومعرفة الهارب واستدلال الطالب [1] ، اقتصدت في الإنفاق ، وكنت معدّا للحدثان ، ومحترسا من كل خدّاع . ليست تبلغ حيل لصوص النهار ، وحيل سرّاق الليل ، وحيل طرّاق البلدان ، وحيل أصحاب الكيمياء وحيل التجار في الأسواق والصنّاع في جميع الصناعات ، وحيل أصحاب الحروب [2] ، وحيل المستأكلين والمتكسّبين . ولو جمعت الجفر [3] والسحر والتمائم [4] والسمّ ، لكانت حيلهم في الناس أشد تغلغلا ، وأعرض [5] وأسرى في عمق البدن ، وأدخل الى سويداء القلب وإلى أمّ الدماغ [6] وإلى صميم الكبد ولهي أدّق مسلكا وأبعد غاية من العرق الساري والشبه النازع ، [7] ، ولو اتخذت الحيطان الرفيعة الثخينة والأقفال المحكمة الوثيقة ، ولو اتخذت الممارق والجواسق [8] والأبواب الشداد ، والحرس المتناوبين بأغلظ المؤن وأشد الكلف ، وتركت التقدّم فيما هو أحضر ضررا وأدوم شرا ولا غرم عليك في الحراسة فيه ، ولا مشقة عليك في التحفّظ منه . إنك إن فتحت لهم على نفسك مثل سمّ الخياط [9] ، جعلوا فيه طريقا نهجا
[1] استدلال الطالب : معرفة السائل عن شيء بعيد النظر ينفع فيه من الحيطة والحذر . [2] يحتالون في طرق شتّى للحصول على المال . [3] الجفر : علم يدعي معرفة الحوادث إلى انتهاء العالم . ووردت في نسخ اخرى الخبر ، والخمر . [4] التمائم : ما يوضع في الصدر أو يعلَّق كالخرز . والتميمة هي الخرزة . [5] واعرض : اي اكثر واعظم . [6] سويداء القلب : حبته . وأم الدماغ : الجلدة التي تجمعه . [7] اي شبه الأبناء بآبائهم . والنازع : المشدود ، المائل . [8] الجواسق : المفرد جوسق : الحصن . [9] سمّ الخياط : ثقب الابرة .
232
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 232