responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 187


اصطبغت من دنّ خلّ [1] حتى فني من حسن العقل ، وأحببت الغنى بغضي للفقر ، وأبغضت الفقر بفضل أنفتي من احتمال الذلّ . تعرّض لي لا أمّ لك بأني أرغب في غدائه ؟ واللَّه ما أكلت معه إلا ليستحيي من حرمة المؤاكلة ، وليصير كرمه سببا لتعجيل الحاجة [2] » . ثم نهض بالصك [3] ، وعليه طينته ، فاعترض بها الحائط حتى كسرها . ثم تفل في الكتاب وحكّ بعضه ببعض ، ثم مزّقه ورمى به . ثم قال لكلّ من شهد المجلس : « هذه ألف دينار كانت لي على أبي فلان ، اشهدوا جميعا على أني قد قبضت منه ، وأنه بريء من كل شيء أطالبه به ، ثم نهض .
فلما صنع ما صنع أقبل الغريم على صاحبه فقال : « ما دعاك إلى هذا الكلام ؟ لم تقوله لهذا الرجل على مائدتي ، وتقدم بهذا الكلام على من لا تعرف كيف موقع الأمور منه ؟ وبعد ، فقد واللَّه أردت مطله الى أن أبيع الثمر ، ورجونا حلاوته . فقد أحسنت إليه ، وأسأت إلينا وعجّلت عليه ماله . اذهب يا غلام ، فاضرب بذلك الثمر السوق [4] ، فبعه بما بلغ ، فيأخذ ماله كملا [5] » . ثم ركب إليه ، فأبى أن يأخذه ، فلما كثر الأمر في ذلك قال : « أظن الذي دعا صاحبك الى ما قال إنه عربيّ وأنا مولى [6] . فإن جعلت شفعاءك من الموالي أخذت هذا المال ، وإن لم تفعل فإني لا آخذه » . فجمع الثقفي كل شعوبيّ [7] بالبصرة حتى طلبوا إليه [8] أخذ المال .



[1] دن خلّ : وعاء - خوان .
[2] لتعجيل الحاجة : لتعجيل اداء الدين .
[3] الصك وعليه طينته : طين خاص . يلصق بالصك ليختم عليه .
[4] أي إجعل هذه البضاعة في السوق ، في زمن مفاجيء ، غير ملائم .
[5] كملا : أي كاملا ، كافيا .
[6] مولى : المعتق من غير العرب .
[7] شعوبي : نسبة الى الشعوبية والشعوبية نزعة كسروية تناهض العرب وحضارتهم ، وتقوم على ذمهم والعمل على إسقاط امبراطوريتهم . ولقد وقف الجاحظ منها موقفا شديدا وخاصة في كتابه « البيان والتبيين » .
[8] حتى طلبوا إليه : أي ألحّوا عليه في طلب المال .

187

نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست