نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 184
أتجافى [1] عنه . فأما أن أدع شيئا يطمع في فضول [2] ما يبقى على الغرماء [3] ، فهذا ما لا يجوز » . فقاموا وقالوا بأجمعهم : « لا واللَّه لا سألناك عن مشكلة » . حدّثني أحمد المكي - أخو محمد المكي - وكان متصلا بأبي سعيد ، بسبب العينة ، وبسبب صنعة المال ، ولأعاجيب أبي سعيد وحديثه . قال أحمد : قلت له مرّة : « واللَّه إنك لكثير المال ، وإنك لتعرف ما نجهل ، وإن قميصك وسخ ، فلم لا تأمر بغسله » ؟ قال : « فلو كنت قليل المال وأجهل ما تعرف ، كيف كان قولك لي ؟ إني قد فكرت في هذا منذ ستّة أشهر ، فما وضح لي بعد وجه الأمر فيه . أقول مرة : الثوب إذا اتسخ أكل البدن ، كما يأكل الصدأ الحديد . والثوب إذا ترادفه العرق [4] ، وجف وتراكم عليه الوسخ ولبد [5] ، أكل السلك وأحرق الغزل . هذا مع نتن ريحه وقبح منظره . وبعد ، فإني رجل آتي أبواب الغرماء ، وغلمان غرمائي جبابرة ، فما ظنّك بهم إذا رأوني في أطمار وسخة وأسمال درنة [6] وحال حداد [7] ؟ جبهوا مرة [8] ، وحجبوا مرة . فيرجع ذلك علينا بمضرّة من إصلاح المال ، وأن ينفي عنه كل ما أعان على حبسه ، مع ما يدخل من الغيظ ، ويلقى من كان كذلك من المكروه . فاذا اجتمعت هذه الخواطر ، هممت بغسلها . فإذا هممت به عارضني
[1] أتجافى عنه : ابتعد عنه . [2] جمع فضل ، وهو البقية . [3] الواحد غريم : المدين . [4] ترادف العرق : تتابع عليه وتوالى . [5] لبد : تراكم ولصق . [6] الأطمار والأسمال : الاثواب . درنة : وسخة . [7] حال حداد : تشبه ثياب الحداد . [8] جبهوا : أي إذا رأوه في هذه الثياب استقبلوه ببرودة .
184
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 184