نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 136
والأعشى [1] كان أعلم به حيث يقول : < شعر > وكأس شربت على لذّة وأخرى تداويت منها بها < / شعر > وهذا ، حفظك اللَّه ، هو اليوم الذي كانوا لا يعاينون فيه لقمة واحدة ، ولا يدخل أجوافهم من النقل ما يزن خردلة . وهو يوم سروره التامّ ، لأنه قد ربح المرزئة [2] وتمتع بالمنادمة . واشترى مرة شبّوطة وهو ببغداد وأخذها فائقة عظيمة ، وغالى بها [3] وارتفع في ثمنها ، وكان قد بعد عهده بأكل السمك . وهو بصري لا يصبر عنه . فكان قد أكبر أمر هذه السمكة ، لكثرة ثمنها ولسمنها وعظمها ولشدّة شهوته لها . فحين ظنّ عند نفسه أنه قد خلا بها ، وتفرّد بأطايبها ، وحسر عن ذراعيه وصمد صمدها ، هجمت عليه ومعي السدريّ [4] فلما رآه رأى الموت الأحمر والطاعون الجارف ، ورأى الحتم المقضيّ [5] ، ورأى قاصمة الظهر [6] ، وأيقن بالشرّ ، وعلم أنه قد ابتلي بالتنين . فلم يلبثه السّدري حتى قوّر السرّة [7] بالمبال [8] فأقبل عليّ فقال لي : يا أبا عثمان ، السدري يعجبه السّرر « ، فما فصلت الكلمة من فيه ، حتى
[1] هو ميمون بن قيس لقب بالأعشى لغشاوة كانت على عينه ، واشتهر بالأعشى الأكبر . وسمي صنّاجة العرب « ولد في قرية منفوحة » إحدى قرى اليمامة . ويعتبر في مقدمة شعراء الجاهلية عناية بالخمرة . [2] المرزئة : من رزأة : اصاب منه خيرا . [3] غالى : بالغ . [4] من اصحاب الجاحظ . [5] الحتم المقضي : الموت المحتم . [6] قاصمة الظهر : قاطعة . [7] السرة : مفردها سرة : فنفذ الغذاء الى الجنين . [8] المبال : ما يحمل على البول .
136
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 136