نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 126
فاستحسنت الفقهاء ، وتمنى الصالحون أن نغصّ من الثلث شيئا ، لاستكثار رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم الثلث ، ولقوله : « إنك إن تدع عيالك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس [1] » ورسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لم يرحم عيالنا إلا بفضل رحمته لنا . فكيف تأمرونني أن أؤثر [2] أنفسكم على نفسي ، وأقدّم عيالكم على عيالي ، وأن أعتقد الثناء بدلا من الغنى ، وأن أكنز الريح وأصطنع السراب [3] ، بدلا من الذهب والفضة » . قال إسماعيل : وسمعته يقول لعياله وأصحابه : « اصبروا عن الرّطب عند ابتدائه وأوائله ، وعن باكورات الفاكهة . فإن للنفس عند كل طارف [4] نزوة ، وعند كل هاجم بدوة ، [5] وللقادم حلاوة وفرحة ، وللجديد بشاشة وغرّة . فإنك متى رددتها ارتدّت ، ومتى ردعتها ارتدعت والنفس عزوف [6] ، ونفور ألوف ، وما حمّلتها احتملت وإن أهملتها فسدت . فإن لم تكفّ جميع دواعيها وتحسم جميع خواطرها ، في أول ردّة ، صارت أقلّ عددا وأضعف قوة . فإذا أثر ذلك فيها ، فعظها في تلك الباكورة بالغلاء والقلة . فإنّ ذكر الغلاء والقلة حجة صحيحة وعلة عاملة في الطبيعة . فإذا أجابتك في الباكورة فسمها مثل ذلك في أوائل كثرتها ، واضرب نقصان الشهوة ونقصان قوة الغلبة ، بمقدار ما حدث لها من الرخص والكثرة ، فلست تلقى على هذا الحساب من معالجة الشهوة في غدك ، إلا مثل ما لقيت منها في يومك ، حتى
[1] من الخير لك ان تدع عيالك أغنياء من ان يمدوا ايديهم سائلين العون والمساعدة من الآخرين . [2] اوثر : افضل ، اقدم . [3] السراب : ما يشاهد في وسط الطريق او في الصحراء عند اشتداد الحر ، كأنه ماء . [4] طارف : المال الحديث . [5] بدوة : بدء . [6] عزوف : نفور .
126
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 126