نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 120
ودخلا ) ، أقل يمنا وأخبث أصلا ، من سائر الغلَّات . فأنتم شرّ علينا من الهند والروم ومن الترك والديلم [1] ، إذ كنتم أحضر أذى وأدوم شرا . ثم كانت هذه صفتكم وحليتكم ومعاملتكم في شيء لا بد لكم منه ، فكيف كنتم لو امتحنتم بما لكم عنه مندوحة والوجوه لكم فيه معرضة ، وأنتم فيه بالخيار وليس عليكم طريق للإضطرار ؟ وهذا مع قولكم : إن نزول دور الكراء أصوب من نزل دور الشراء . وقلتم : لأن صاحب الشراء قد أغلق رهنه ، وأشرط نفسه ، وصار بها ممتحنا ، وبثمنها مرتهنا . ومن اتخذ دارا ، فقد أقام كفيلا لا يخفر ، وزعيما لا يغرم . وإن غاب عنها حنّ إليها ، وإن أقام فيها ألزمته المؤن وعرّضته للفتن : إن أساؤا جواره ، وأنكر مكانه ، وبعد مصلَّاه ، ونأت [2] عنه سوقه ، وتفاوتت حوائجه ، ورأى أنه قد أخطأ في اختيارها على سواها ، وأنه لم يوفق لرشده حين آثرها على غيرها . وأن من كان كذلك ، فهو عبد داره ، وخول جاره . وإن صاحب الكراء [3] الخيار في يده والأمر إليه ؛ فكل دار هي له متنزّه إن شاء ، ومتجر إن شاء ، ومسكن إن شاء . لم يحتمل فيها اليسير من الذل ، ولا القليل من الضيّم [4] ؛ ولا يعرف الهوان ، ولا يسام الخسف [5] ، ولا يحترس من الحسّاد ، ولا يداري المتعللَّين . وصاحب الشراء يجرّع المرار ، وبيسقى بكأس الغيظ ، ويكد بطلب الحوائج ، ويحتمل الذلة وإن كان ذا أنفة . إن عفا عفا على كظم [6] ، ولا يوجه ذلك منه إلا الى العجز ، وإن رام [7] المكافأة
[1] الديلم : من أجناس الاتراك . [2] نأت : ابتعدت . [3] صاحب الكراء : يعني صاحب الأرض او الدار . [4] الضيم : الضعف ، الذل ، المرض . [5] لا يسام الخسف : لا يصاب بالذل ، والانكسار . [6] كظم : غيظ ، سكوت . [7] رام : أراد .
120
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 120